اليوم العالمي لحرية الصحافة 2019: منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "أصعب وأخطر منطقة" بالنسبة للصحفيين في جميع أنحاء العالم

03 مايو 2019

في الوقت الذي لا يزال الصحفيون يواجهون انتهاكات جسيمة، جاءت القوانين التي تم تبنيها حديثًا ومشاريع التشريعات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية والأخبار الزائفة وخطاب الكراهية لتشدد القيود على حرية الصحافة في جميع أنحاء المنطقة.

أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود عند إصدار مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2019 في أبريل، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي "الأصعب والأخطر" بالنسبة للصحفيين في جميع أنحاء العالم. ومن بين الدول التسعة عشر التي تعتبر فيها مراسلون بلا حدود وضع حرية الصحافة "خطيرًا للغاية"، شكلت بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من الثلث. ونجد من بين الدول التي جاء ذكرها، مصر وليبيا والبحرين واليمن والسعودية وسوريا والسودان.

واصلت منّا لحقوق الإنسان توثيق الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في جميع أنحاء المنطقة، بالموازاة مع ذلك استمرت حكومات المنطقة في إصدارها لتشريعات من شأنها أن تشدد القيود على حرية الصحافة. وشهد هذا المنحى تطورا مثيرًا للقلق في السنوات الأخيرة، حيث قامت الأردن ومصر والسودان وسلطنة عمان بالانضمام إلى ركب البلدان الأخرى في المنطقة التي تقوم بإصدار قوانين لا تفي بالمعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير.

وحسب مؤشر مراسلون بلا حدود، شغل السودان المرتبة الأدنى من بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث جاء في المرتبة 175 من بين 180 دولة حول العالم. وخلال الأشهر القليلة الماضية، قامت منا لحقوق الإنسان بتوثيق حالات عدد من الصحفيين في السودان الذين ألقي عليهم القبض ومنعوا من العمل وتعرضوا للمضايقات القضائية من قبل جهاز المخابرات والأمن الوطني .

تعرضت سلمى التجاني وعثمان شبونة وأحمد جودة وأحمد يونس للمضايقة القضائية من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني في الفترة الممتدة ما بين 2016 و 2018، و طالبت منا لحقوق الإنسان بتدخل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير. لاحظت مراسلون بلا حدود أنه في سياق الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت في جميع أنحاء السودان منذ ديسمبر 2018، كان الصحفيون "في طليعة الضحايا الرئيسيين للنظام".

وجاءت المملكة العربية السعودية على بعد ثلاثة مراكز من السودان في ترتيب مراسلون بلا حدود، حيث احتلت المرتبة 172، إذ كان الصحفيون ضمن العديد من ضحايا حملة القمع التي قامت بها الحكومة ضد المعارضة. هيمنت عملية الاغتيال الوحشية للصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول على عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، إلا أن الانتهاكات ضد الصحفيين داخل البلاد لم تعرف فتورا.

في يناير 2019، دعت منا لحقوق الإنسان إلى تدخل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير فيما يتعلق بقضية مروان المريسي، الصحفي اليمني الذي ما زال مفقودًا منذ القبض عليه في السعودية في يونيو 2018. كما أن الصحفي تركي الجاسر لا زال مختفيا منذ اعتقاله من منزله بالرياض في 15 مارس 2018. وظهرت شائعات في نوفمبر 2018 تشير بأن الجاسر لقي حتفه تحت التعذيب أثناء احتجازه.

أما بالنسبة للصحفي الأردني عبد الرحمن فرحانة الذي في كان فبراير 2019 في طريقه إلى مطار الدمام عندما تم توقيفه عند نقطة تفتيش على يد جهاز أمن الدولة، فإن السلطات السعودية لم تزود أسرته بأي معلومات رسمية عن مصيره ومكان وجوده.

ومع تواصل الانتهاكات بلا هوادة ضد الصحفيين في جميع أنحاء المنطقة، كان الاتجاه المقلق في السنوات الأخيرة هو محاولات الحكومات تمرير قوانين بشأن الجرائم الإلكترونية والأخبار الزائفة لا تحترم المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير.

في نوفمبر 2018 ، طالبت منا لحقوق الإنسان تدخل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير بشأن مشروع تعديل قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن والذي سيفرض مزيدا من القيود على حرية التعبير في البلاد. ونبهت منا لحقوق الإنسان في تقريرها إلى جوانب القصور في مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المزمع تمريره، والذي يمكن بموجبه إدانة الصحفيين بتهمة التشهير وسجنهم بسبب مقالاتهم المطبوعة التي قد تنشر على الإنترنت.

تم سحب النص في 9 ديسمبر 2018، تحت ضغط المجتمع المدني والناشطين، الذين أعربو عن قلقهم من التعديلات المقترحة وتخوفهم من تشديد القيود على حرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد. لكن بعد وقت قصير من ذلك، في 12 ديسمبر، تم طرح التعديلات أمام مجلس الأمة الذي لم يجر التعديلات التي طالب بها المقرر الأممي الخاص في خطاب وجهه إلى السلطات الأردنية قبل ذلك بأسبوع.

التمست منا لحقوق الإنسان مرة أخرى تدخل المقرر الخاص لضمان توافق النص – المطروح حاليا على مجلس الأعيان في البرلمان الأردني - مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وبالمثل، في فبراير 2019، أثارت منا لحقوق الإنسان مع المقرر الخاص للأمم المتحدة مسألة إعادة طرح العراق لمشروع قانون جرائم تقنية المعلومات المثير للجدل، والذي كان قد تم سحبه في عام 2013 بعد ضغوط من منظمات المجتمع المدني. ونبهت منا من بين أمور أخرى إلى أنه يمكن استخدام هذا القانون ضد الصحفيين، مما سيخلق بيئة من الرقابة الذاتية ويحد من قدرتهم على القيام بعملهم دون قيود.

في مطلع مارس 2019، دعت عشرة من منظمات المجتمع المدني، ضمنها منا لحقوق الإنسان، مجلس النواب العراقي إلى سحب المشروع، موضحة "إنه سيشكل نكسة خطيرة لحرية التعبير" في البلاد.

على الصعيد الإقليمي، تمتلك مصر ترسانة قانونية تعد الأشد قمعًا لوسائل الإعلام. ويوضح تراجعها بنقطتين على مؤشر مراسلون بلا حدود لعام 2019، تزايد القيود التي تفرضها السلطات على حرية الصحافة. في تقريرها المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل المراجعة الدورية الشاملة لمصر، والمقرر عقده في نوفمبر 2019 ، أثارت منا لحقوق الإنسان، ضمن أمور أخرى، مسألة القمع المستمر الذي تمارسه سلطات البلاد على حرية التعبير.

وعلى الرغم من التوصيات التي تلقتها مصر خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير في عام 2014، إلا أن الصحفيين يشكلون نسبة كبيرة من ضحايا هذه الحملة. وقد اختفى صحفيون قسراً واحتُجزوا تعسفياً واتُهموا بارتكاب جرائم مرتبطة بالإرهاب وصدرت في حقهم أحكام قاسية، بموجب مجموعة من القوانين القمعية التي تعطي الغطاء الشرعي للسلطات لتنفيذ هذه الانتهاكات.

تم تعزيز هذه الترسانة القانونية على مدار العام الماضي. دخل القانون رقم 180 لعام 2018 الذي ينظم الصحافة والإعلام حيز التنفيذ في أغسطس 2018، مما يسمح للسلطات بمراقبة ومنع نشر المحتوىات الذي تعتبرها محظورًة على أساس معايير مبهمة، كما تم إحدات عملية ترخيص صارمة لتقييد عمل وسائل الإعلام المستقلة.

بالإضافة إلى ذلك، تم تعديل القانون رقم 92 لعام 2016 بشأن اللائحة المؤسسية للصحافة والإعلام في عام 2018 بأحكام "تعطي للسلطات صلاحيات واسعة لمراقبة المعلومات" كما أوضح ذلك المقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التعبير. أخيرًا، وسع قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2018 صلاحيات السلطات لفرض الرقابة على المواقع الإلكترونية التي تنشر محتوى لا يتماشى مع وجهة نظرها، بما في ذلك رؤية منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام.

تعرب منا لحقوق الإنسان عن انشغالها إزاء التدهور الذي عرفته حرية الصحافة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات الأخيرة، ويتضح ذلك من تعدد الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين وقيام حكومات المنطقة بسن تشريعات تضفي الشرعية على هذه الانتهاكات.

وكما أكدت ذلك الأمم المتحدة، فإن "حرية التعبير والوصول إلى المعلومات تغذي الهدف الإنمائي الشمولي لتمكين الشعوب". وعندما يتم تقييد حرية الصحافة، فإن العديد من حقوق الإنسان والحريات الأساسية الأخرى تعاني أيضًا. لذلك، نحث الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الاعتراف بالدور الأساسي الذي تلعبه وسائل الإعلام، وضمان حماية حرية التعبير وتعزيزها، والسماح لوسائل الإعلام المستقلة بالازدهار.

 

آخر الأخبار