19 ديسمبر 2024
منّا لحقوق الإنسان تدين بشدة حملة القمع المستمرة التي تقوم بها السلطات الأردنية ضد النشاط المؤيد لفلسطين، وناشدت خبراء الأمم المتحدة لحثهم على الدعوة إلى وقفها الفوري.
منذ 7 أكتوبر 2023، خرج النشطاء والصحفيين المتظاهرون السلميون الأردنيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي والشوارع لإظهار الدعم لفلسطين والتنديد بعلاقات الحكومة الأردنية مع إسرائيل. ومع ذلك، قوبلت حركة التضامن السلمية هذه بقمع وحشي من قبل السلطات الأردنية.
اعتقلت قوات الأمن أكثر من ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين وهاجمت بعنف المتظاهرين السلميين، بما في ذلك إطلاق الغاز المسيل للدموع على الحشود وضرب المتظاهرين بالهراوات. كما واجه مستخدمو الإنترنت أيضًا اتهامات جنائية بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أعربت عن دعمها لغزة أو انتقدت سياسات الأردن تجاه إسرائيل، وقد عوقب بعضهم بالسجن.
لإنفاذ هذه الحملة القمعية، استخدمت السلطات الأردنية في المقام الأول قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2023، والذي خضع لتدقيق شديد من قبل الأمم المتحدة. ويتضمن هذا القانون أحكاما ذات صياغة غامضة تجرم نشر "أخبار كاذبة" أو محتوى "يستهدف الأمن القومي والسلم المجتمعي". هذه المصطلحات القانونية غير الدقيقة تمكن الدولة من ممارسة سيطرة غير متناسبة على حرية التعبير، مما يؤدي إلى الرقابة والاعتقالات التعسفية. وفي الواقع، ذكرت المقررة الخاصة التابعة للأمم المتحدة المعنية بحرية التعبير أن مثل هذه القوانين لا تتوافق مع المعايير الدولية ويجب إلغاؤها.
كما استخدمت الحكومة الأردنية قانون العقوبات لاستهداف النشطاء السلميين المؤيدين لفلسطين. استندت السلطات مرارا وتكرارا إلى المادة 149، التي تعاقب على الأفعال التي "تقوض النظام السياسي"، وتجرم "التشهير" ضد المسؤولين العموميين. كما اتهمت السلطات الأردنية المتظاهرين السلميين بجريمة "التجمهر غير المشروع"، بموجب المادة 165 من قانون العقوبات،. تنتهك هاتان المادتان التزامات الأردن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
باستخدام قانون منع الجرائم المثير للجدل، قامت السلطات بشكل روتيني باحتجاز المتظاهرين إداريًا، أي دون محاكمة أو اتهامات. وتُفرض هذه الاعتقالات دون رقابة قضائية، و تنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
إن مديرية المخابرات العامة ومديرية الأمن العام هما الفاعلان الرئيسيان اللذان ينفذان هذه القوانين القمعية. وكانت هذه الأجهزة الأمنية مسؤولة عن تنفيذ اعتقالات تعسفية، دون أوامر قضائية في كثير من الأحيان، وإخضاع المعتقلين لسوء المعاملة، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والاستجواب لفترات طويلة دون حضور محام، وهذه الأفعال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان وتساهم في خلق بيئة من الإفلات من العقاب بالنسبة للجهات الحكومية.
تعمل كل من مديرية المخابرات العامة ومديرية الأمن العام بأقل قدر من الإشراف، حيث تتبع دائرة المخابرات العامة الملك مباشرة. وقد مكّن هذا الافتقار إلى المساءلة هذه الوكالات من التصرف مع الإفلات من العقاب، لا سيما في استهداف الأصوات المؤيدة لفلسطين.
في 17 ديسمبر 2024، قدمت منا لحقوق الإنسان ادعاءً عامًا يوضح بالتفصيل نطاق حملة القمع هذه في الأردن وتأثيرها على حقوق الإنسان إلى العديد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة. ومن بين هؤلاء الممثلة الخاصة المعنية بحرية التعبير إيرين خان، والممثلة الخاصة المعنية بحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي جينا روميرو، والممثلة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور، والمقررة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز.
وسلط هذا الادعاء الضوء على محنة العديد من النشطاء السلميين والصحفيين الذين اتُهموا بموجب قانون الجرائم الإلكترونية القمعي لعام 2023، وقانون العقوبات وقانون منع الجرائم، بما في ذلك كميل الزعبي وسمير النمراوي وفاطمة شبيلات وهبة أبو طه.
منّا لحقوق الإنسان تدعو المقررين الخاصين للأمم المتحدة إلى معالجة هذه الانتهاكات بشكل عاجل ومباشر مع السلطات الأردنية. يجب تعديل الإطار القانوني في الأردن، ولا سيما قانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات وقانون منع الجرائم، ليتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويجب وضع حد للقمع المستمر للناشطين والصحفيين والمتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، ويجب إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً على الفور. ويجب على السلطات الأردنية أيضاً أن تضمن أن أجهزتها الأمنية، بما في ذلك مديرية المخابرات العامة ومديرية الأمن العام، تعمل ضمن حدود القانون وتتحمل المسؤولية عن الأعمال التي تتعارض مع التزامات الأردن الدولية.