وفاة اللاجئ السوري بشار عبد السعود لدى إحتجازه من قبل أمن الدولة اللبناني

وفاة اللاجئ السوري بشار عبد السعود لدى إحتجازه من قبل أمن الدولة اللبناني

بشار عبد السعود لاجئاً سورياً كا يعيش في مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين. في 30 أغسطس 2022 ، أدعي بأن اللجنة الأمنية في المخيم أوقفته قبل تسليمه إلى جهاز أمن الدولة اللبناني. ثم اقتيد بعد ذلك إلى فرع أمن الدولة في تبنين في جنوب لبنان، حيث تعرض بعد ذلك لأساليب تعذيب وحشية أدت إلى وفاته. وعلى الرغم من توقيف مجموعة من عناصر أمن الدولة على ذمة التحقيق لاستجوابهم، أحال مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في بيروت التحقيق إلى قاضي تحقيق عسكري، وليس إلى محكمة عدلية، مما يضر بشفافية القضية وحيادها.

بشار عبد السعود هو لاجئ سوري يقيم عادة في مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين حيث كان يعمل في محل سمانة.

في 30 أغسطس 2022 ، أوقفت اللجنة الأمنية في المخيم السعود قبل تسليمه إلى أمن الدولة اللبناني. وطبقاً لشهود عيان، فقد قيد عناصر جهاز أمن الدولة يديه ورجليه عند مدخل المخيم. أجبروه على إبقاء رأسه بالقرب من قدميه، قبل أن يقتادوه إلى فرع أمن الدولة اللبناني في تبنين، جنوب لبنان.

في 2 سبتمبر 2022 ، كشفت صحيفة الأخبار عن مقتل موقوف سوري لدى جهاز أمن الدولة يُدعى بشار عبد سعود تحت التعذيب. في الوقت نفسه، تم تداول صور جسده الذي تعرض للتعذيب الشديد على منصات التواصل الاجتماعي. ظهرت على جسده علامات تعذيب شديدة على جانب ظهره بالكامل، بما في ذلك كدمات وتورم وجروح في رقبته وظهره وصدره وساقيه.

في غضون ذلك، أصدر جهاز أمن الدولة تصريحات تشرح أن السعود اعتقل لحيازته عملة مزورة واعترف خلال الاستجواب بأنه ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وصدرت تصريحات مماثلة على صفحة أمن الدولة على الفايس بوك عقب مقال نشرته صحيفة "الأخبار".

في 3 سبتمبر 2022 ، اتصلت أمن الدولة بعائلة السعود، وأبلغتهم أنه يمكنهم القدوم لأخذ جثته من مستشفى تبنين الحكومي. رفضت عائلته استلام الجثة قبل الانتهاء من إجراء تحقيق في الطب الشرعي ملائم.

يشير تقرير طبي بتاريخ 4 سبتمبر 2022 صادر من مستشفى تبنين الحكومي إلى أن الجثة قد تم تسليمها إلى المستشفى في 31 أغسطس 2022 ، بعد يوم واحد فقط من اعتقال السعود، وقبل ثلاثة أيام من إبلاغ عناصر أمن الدولة عائلة السعود لأول مرة بوفاته.

في 2 سبتمبر 2022 ، عقب ضجة عامة حول تسريب صور جثمان السعود، أمر القاضي فادي عقيقي، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في بيروت، بتوقيف ضابط وأربعة عناصر في فرع أمن الدولة في تبنين. ثم أحال عقيقي القضية إلى قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا.

في 7 سبتمبر 2022 ، قدم الممثل القانوني لعائلة السعود شكوى أمام النيابة العامة التمييزية. ثم أحيلت الشكوى إلى المحكمة العسكرية.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 2017، يُحظر التعذيب صراحة بموجب المادة 401 من قانون العقوبات اللبناني، بصيغته المعدلة بالقانون رقم 65 بشأن المعاقبة على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المعروف باسم قانون مناهضة التعذيب.

في حين أنه إجراء إيجابي هو أن مجموعة من عناصر أمنية تم احتجازهم على ذمة التحقيق لاستجوابهم، ينبغي للمحاكم العسكرية أن تقصر اختصاصها على الجرائم العسكرية التي يرتكبها أفراد عسكريون. ولضمان الشفافية والحياد، نؤكد أن قضية السعود يجب أن تُحال إلى محكمة عدلية.

لهذا السبب في 8 سبتمبر 2022 ، قدمت منّا لحقوق الإنسان قضية السعود إلى العديد من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة، بما في ذلك المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين.

تؤكد منّا لحقوق الإنسان أن أي تحقيق في ادعاءات لسوء السلوك من قبل عناصر من قوات الأمن اللبنانية يجب أن تشرف عليها محكمة عدلية، ويجب إجراء التحقيقات والملاحقات القضائية وفقاً للمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك بروتوكول مينيسوتا بشأن التحقيق في حالات الوفاة التي يحتمل أن تكون غير مشروعة وبروتوكول اسطنبول بشأن التحقيق والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

في 28 نوفمبر 2022، أعرب العديد من خبراء الأمم المتحدة، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، عن استيائهم من عدم إجراء تحقيق مستقل في وفاة عبد السعود بعد اعتقاله والاشتباه الشديد في تعرضه للتعذيب.

في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وجهت قاضية التحقيق العسكرية نجات أبو شقرا تهمة التعذيب بموجب قانون مناهضة التعذيب إلى خمسة أفراد من جهاز أمن الدولة. كانت قضية عبد السعود أول قضية تحال إلى المحكمة العسكرية الدائمة بموجب قانون مناهضة التعذيب في لبنان. وقد فصلت لائحة الاتهام بالتعذيب الذي تعرض له بشار عبد السعود ومعتقلون آخرون في مركز أمن الدولة في تبنين. 

وأكدت القاضية أنه على الرغم من أن المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية اللبناني تنص على أن المحاكم العادية هي المختصة بالنظر في الجرائم المرتكبة خلال التحقيقات الجنائية، فإن المحكمة العسكرية، المسؤولة عن القضايا المتعلقة بالإرهاب والخيانة، هي أيضاً المكان المناسب للنظر في جرائم التعذيب هذه، وبالتالي فإن القضاء العسكري مختص بالنظر في قضية عبد السعود.

 

جرت محاكمة بشار عبد السعود في الفترة من 16 ديسمبر 2022 إلى 1 نوفمبر 2024. أجريت المحاكمة في ست جلسات أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت. أفادت منظمات حقوق الإنسان، مثل مركز أرز للدراسات القانونية، أن مراقبة محاكمة عبد السعود كانت ”صعبة بسبب طبيعة نظام المحاكم العسكرية في بيروت، الذي لا يفتح أبوابه للجمهور“. سعت زوجة عبد السعود إلى حضور المحاكمة، لكن تم منعها من الدخول بموجب لوائح القضاء العسكري التي تتطلب موافقة مسبقة من رئيس المحكمة.

 

جلس الممثل القانوني لعائلة عبد السعود، محمد صبلوح، في قسم الحضور كمراقب خلال المحاكمة، حيث تحظر التشريعات اللبنانية المتعلقة بالإجراءات القضائية العسكرية على ضحايا التعذيب ومحاميهم أو عائلاتهم المشاركة مباشرة في الإجراءات. حاول صبلوح تقديم أدلة وثائقية إلى المحكمة، بما في ذلك صور فوتوغرافية تظهر أدلة على التعذيب الوحشي الذي تعرض له جسد الضحية خلال الجلسة الثانية، وأدلة تثبت ممارسة التعذيب بشكل منهجي في مركز احتجاز تبنين خلال الجلسة الثالثة. لكن المحكمة رفضت تقديم الوثائق التي قدمها صبلوح، باعتبار أنه لا يتمتع بالصفة القانونية للمشاركة في المحاكمة.

 

خلال المحاكمة، شهد المتهمون أنه على الرغم من تعرضه للضرب، فإن عبد السعود لم يمت بسبب الضرب. واستخدم رئيس المحكمة، الذي استجوب المتهمين، مصطلح ”تحت الضغط“ بدلاً من ”تحت التعذيب“. وجادل محامو الدفاع بأن استخدام ضباط أمن الدولة للعنف ضد عبد السعود كان مبرراً بسبب خطورة الجرائم المزعومة قيد التحقيق، وتحديداً الإرهاب. ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان التي راقبت المحاكمة، اعتمد الدفاع باستمرار على خطاب يصور عبد السعود على أنه إرهابي تابع لتنظيم داعش - على الرغم من عدم وجود أدلة داعمة - لتبرير سوء معاملته والتقليل من شدة التعذيب الذي تعرض له. كما جادلوا بأن هذه الأفعال لا تشكل تعذيباً بموجب القانون اللبناني.

 

خلال الجلسة الرابعة للمحاكمة، في 19 أبريل/نيسان 2024، تنازلت عائلة بشار عبد السعود رسميا عن حقوقها الشخصية في القضية. وفقا لمصادر غير رسمية، تعرضت العائلة لضغوط من أقارب المتهمين للتنازل عن حقوقها الشخصية، مقابل تعويض مالي.

 

خلال الجلسة الخامسة، في 5 يوليو/تموز 2024، أدلى طبيبان شرعيان بشهادتهما، مؤكدين أن وفاة عبد السعود نتجت عن التعذيب.

خلال الجلسة النهائية في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قضت المحكمة العسكرية الدائمة بأن أفعال ضباط أمن الدولة المتهمين لا تشكل تعذيباً أدى إلى الوفاة. بدلاً من ذلك، أعادت المحكمة تصنيف التهم إلى القتل بسبب الإهمال وانتهاك التعليمات العسكرية، وحكمت على المتهمين بالسجن لمدد تتراوح بين شهرين وسنة ونصف، وهو ما يغطي فعلياً فترة احتجازهم قبل المحاكمة ويؤدي إلى الإفراج الفوري عنهم.

لم يكن الحكم بالإجماع. ففي حين أيد العميد جابر واثنان من ضباط أمن الدولة في هيئة المحكمة تخفيف التهم، اعترض عضوان آخران، هما القاضي المدني حسن شهروور وضابط في الجيش اللبناني، بحجة أن الأدلة تثبت بوضوح أن عبد السعود تعرض للتعذيب حتى الموت

آخر التحديثات

1 نوفمبر 2024: المحكمة العسكرية الدائمة تصدر حكمها، وتقرر أن أفعال ضباط أمن الدولة المتهمين لم تشكل تعذيباً أدى إلى الوفاة. وبدلاً من ذلك، تعيد المحكمة تصنيف التهم إلى القتل بسبب الإهمال وانتهاك التعليمات العسكرية، وتحكم على المتهمين بالسجن لمدد تتراوح بين شهرين وسنة ونصف، تغطي فعلياً فترة احتجازهم قبل المحاكمة وتؤدي إلى الإفراج عنهم فوراً.

5 يوليو 2024: عقدت الجلسة الخامسة في محاكمة عبد السعود.

19 أبريل 2024: عقدت الجلسة الرابعة في محاكمة عبد السعود.

17 نوفمبر 2023: عقدت الجلسة الثالثة في محاكمة عبد السعود.

5 مايو 2023: عقدت الجلسة الثانية في محاكمة عبد السعود.

16 ديسمبر 2022: بدأت محاكمة عبد السعود أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت.

29 نوفمبر 2022: قاضية التحقيق العسكرية نجات أبو شقرا تتهم خمسة أفراد من أمن الدولة بارتكاب جريمة التعذيب بموجب قانون مناهضة التعذيب في لبنان.

28 نوفمبر 2022: الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة تستنكر عدم إجراء تحقيق مستقل في وفاة بشار عبد السعود.
28 نوفمبر 2022: أرسل العديد من خبراء الأمم المتحدة، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، رسالة إلى السلطات اللبنانية يسألونها عن سبب نقل التحقيقات وإجراءات المحاكمة في وفاة السعود إلى القضاء العسكري اللبناني.
8 سبتمبر 2022: منّا لحقوق الإنسان تقدم نداءً عاجلاً إلى العديد من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة.
7 سبتمبر 2022: عائلة السعود تقدم شكوى تعذيب أمام النيابة العامة التمييزية.
3 سبتمبر 2022: جهاز أمن الدولة يتصل بعائلة السعود لإبلاغهم بإمكانية القدوم لأخذ جثته في مستشفى تبنين الحكومي.
2 سبتمبر 2022: اعتقال ضابط وأربعة عناصر يُزعم تورطهم في تعذيب السعود بعد أنباء عن وفاته في الصحف.
31 أغسطس 2022: نقل جثمان بشار عبد السعود إلى مستشفى تبنين الحكومي بعد تعذيبه حتى الموت.
30 أغسطس 2022: اعتقال بشار عبد السعود من قبل أمن الدولة.

More on country