30 يناير 2024
في 7 ديسمبر 2023، عقدت محكمة الاستئناف الاتحادية في أبو ظبي جلستها الأولى في محاكمة جماعية جديدة تشمل 84 شخصًا، بينما كان مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) لا يزال جاريًا. كان معظم المتهمين من الناشطين والمعارضين السياسيين الذين أُدينوا في أعقاب محاكمة "الإمارات 94" غير العادلة في عام 2013، وهي أكبر محاكمة سياسية جماعية في البلاد حتى الآن.
في عام 2011، وقع 133 من المحامين والطلاب وأساتذة الجامعات وشخصيات أخرى على عريضة تطالب بالإصلاحات الديمقراطية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي عامي 2012 و2013، حدثت حملة قمع جماعية وتم اعتقال معظمهم ووجهت إليهم تهم تأسيس وتنظيم وإدارة منظمة تهدف إلى الإطاحة بالحكومة. وأدّت هذه الحملة من الاعتقالات الجماعية إلى أكبر محاكمة جماعية في تاريخ الإمارات العربية المتحدة التي شملت 94 متهماً. وحُكم على معظمهم بالسجن لمدة 10 سنوات مع منعهم من السفر بشكل إضافي.
وفي رأي صدر في نوفمبر 2013، اعتبر الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي أن احتجازهم تعسفي، حيث تم اتهامهم بارتكاب أفعال تندرج ضمن حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي. ولذلك طلب الفريق العامل الإفراج عنهم فوراً، وهو ما لم تستجب له الإمارات العربية المتحدة. وفي الواقع، مددت السلطات الإماراتية احتجاز معظم سجناء الرأي هؤلاء بعد انتهاء أحكامهم بذريعة “إعادة التأهيل”.
في 7 ديسمبر 2023، وجهت السلطات اتهامات جديدة إلى معظم المتهمين في مجموعة "الإمارات 94". ومن بينهم الدكتور محمد المنصوري، خبير في القانون الدولي، والدكتور محمد الركن، المحامي الإماراتي البارز في مجال حقوق الإنسان. في هذه المحاكمة الجماعية لعام 2023، يتم اتهام المتهمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي لعام 2014 بتأسيس وتأييد ودعم وتمويل منظمة إرهابية. وتنطوي هذه الجرائم على عقوبات صارمة، بما في ذلك عقوبة الإعدام والسجن مدى الحياة.
وتشمل هذه المحاكمة الجماعية الجديدة أيضاً متهمين من خارج مجموعة "الإمارات 94"، مثل الدكتور ناصر بن غيث وأحمد منصور، اللذين تم اعتقالهم في عامي 2015 و2017 على التوالي. وقد حُكم على كلا المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان بالسجن لمدة عشر سنوات بسبب نشاطهم السلمي. كما تتم محاكمتهم حاليًا بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي.
يذكر أن المتهمين حضروا الجلسة الأولى في 7 ديسمبر 2023، حيث تمت قراءة أسمائهم والتهم الموجهة إليهم. وانعقدت الجلسة الثانية للمحاكمة في 14 ديسمبر 2023، وركزت على شهادات شهود النيابة العامة، ومن بينهم ثلاثة من أفراد جهاز أمن الدولة. وتمكن بعض أقارب المتهمين من حضور المحاكمة، ولكن في غرفة منفصلة حيث طُلب منهم متابعة الإجراءات على شاشة تم كتم صوتها. عُقدت الجلسة الثالثة في 21 ديسمبر 2023، والرابعة في 11 يناير 2024، وتم خلالها الكشف عن بلاغات التعذيب وسوء المعاملة على المتهمين. ستُعقد الجلسة الخامسة يومي 7 و8 فبراير 2024. وخلافًا لاعلان السلطات الإماراتية، تُعقد جلسات الاستماع هذه في ظل انعدام الشفافية، ولم تنشر السلطات الإماراتية أي معلومات شاملة حول المحاكمة، على الرغم من أن اعترفت وكالة أنباء الإمارات (وام) بأن النائب العام الإماراتي أحال 84 متهماً إلى محكمة الاستئناف الاتحادية في أبوظبي.
وتنتهك هذه التهم الموجهة إلى 84 متهما مبدأ التجريم المزدوج، الذي بموجبه لا يمكن محاكمة شخص مرتين لنفس الوقائع. وهذا منصوص عليه في الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يحظر على وجه التحديد إخضاع شخص لمحاكمات متعددة بسبب سلوك ناجم عن نفس الوقائع أو مجموعة مماثلة من الوقائع.
قدمت منظمتي منا لحقوق الإنسان ومركز مناصرة معتقلي الإمارات نداءً عاجلاً إلى المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، مطالبين إياهما بدعوة السلطات الإماراتية إلى إطلاق سراح جميع المتهمين الـ 84 فوراً ودون قيد أو شرط.
بناءً على النداء العاجل، في 19 يناير 2024، أعرب تسعة خبراء من الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء تهم الإرهاب "الزائفة" الجديدة الموجهة ضد المجتمع المدني في محاكمة "الإمارات 87". والأهم من ذلك أنهم اعتبروا هذه الاتهامات "خطوة تراجعية عميقة، خاصة وأن الإمارات حاليا عضو في لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي". وقالوا أيضًا إن بعض المتهمين يتعرضون حاليًا للاختفاء القسري والتعذيب، وأن هذه الإجراءات تنتهك الحق في محاكمة عادلة، والحرمان أو التقييد من الوصول إلى مستشار قانوني، والاعترافات القسرية، وعدم الوصول إلى الإجراءات القضائية.
وكرر خبراء الأمم المتحدة قلقهم إزاء التطبيق التعسفي لقوانين مكافحة الإرهاب وما ينطوي عليه من انتهاكات جسيمة للحق في حرية التعبير. وأشاروا إلى أن هذا القانون لا يبدو أنه "يلبي الحد المطلوب من الشرعية والضرورة والتناسب وعدم التمييز بموجب القانون الدولي".