31 يناير 2024
في 22 يناير 2024، تم فحص سجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال المراجعة الدورية الشاملة الرابعة للمملكة. الاستعراض الدوري الشامل هو آلية مراجعة النظراء تقدم من خلالها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توصيات إلى الدولة قيد المراجعة حول كيفية تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان بالنظر إلى التزاماتها الدولية.
يُطلب بعد ذلك من المملكة العربية السعودية إخطار مجلس حقوق الإنسان بالتوصيات التي ترغب في قبولها وتلك التي ترفضها خلال الدورة السادسة والخمسين المقبلة لمجلس حقوق الإنسان في يونيو ويوليو 2024. وقبل المراجعة، قدمت منا لحقوق الإنسان تقرير ظل يحتوي على قائمة من التوصيات، والتي تم تعميمها على الدول التي قامت بالاستعراض. قبل الاستعراض الدوري الشامل للمملكة، عرضت مجموعة منا لحقوق الإنسان نتائج التقرير خلال جلسة تمهيدية عقدتها منظمة UPR-Info ومقرها جنيف.
أثناء إجراء الاستعراض الدوري الشامل للمرة الرابعة، ادعى الوفد السعودي أنه نفذ 80٪ من التوصيات المقدمة خلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث، وهو تصريح يفتقر إلى أي دليل موثق.
هيئة حقوق الإنسان السعودية
خلال الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل، ترأست رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية، السيدة هالة التويجري، الوفد السعودي الذي ضم العديد من أعضاء اللجنة. يسلط تقرير صادر عن منا لحقوق الإنسان الضوء على أن هيئة حقوق الإنسان السعودية تعمل بشكل أساسي كأداة لتبييض صورة المملكة. يجب أن تكون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، أي هيئة حقوق الإنسان السعودية، مستقلة تمامًا عن الحكومة السعودية. ومع ذلك، عملت هيئة حقوق الإنسان كامتداد للحكومة من خلال رئاسة الوفد السعودي في الاستعراض الدوري الشامل وهذا يؤكد الافتقار الواضح لاستقلالية الهيئة.
وأثناء انعقاد الجلسة، قدمت دولة تشيلي توصية في هذا الصدد إلى المملكة العربية السعودية، تطلب فيها من المملكة "اتخاذ خطوات لضمان امتثال الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان امتثالاً كاملاً لمبادئ باريس".
حرية التعبير
وفي ملاحظاتها الافتتاحية، ادعت رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية أن حرية الرأي والتعبير مكفولة في النظام الأساسي السعودي وأن أي مطالبات يقدمها الأفراد فيما يتعلق بتقييد حقوقهم يتم فحصها على النحو الواجب في المحاكم ومن قبل هيئة حقوق الإنسان نفسها. وأضافت أنه إذا كان لا بد من فرض قيود على وسائل الإعلام، فإن ذلك فقط لغرض "الحفاظ على النظام العام".
ولكن من الناحية العملية، وجدت منا لحقوق الإنسان أن السلطات مُنحت صلاحيات كبيرة لتنظيم وتحديد الخطاب الذي يعتبر "يضر بأمن الدولة". على سبيل المثال، تم استخدام قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب كأساس قانوني رئيسي للاعتقال والاحتجاز التعسفي لمنتقدي وسائل التواصل الاجتماعي السلميين خلال العقد الماضي.
و لذلك أصدرت 21 دولة توصيات للسعودية لحماية الحق في حرية التعبير. على سبيل المثال، أوصت غانا المملكة العربية السعودية "بتعزيز جهودها لتعزيز حرية الرأي والتعبير، سواء عبر الإنترنت أو خارجها، وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وقدمت دول أخرى توصيات محددة بشأن الحاجة إلى إصلاح قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. أوصت سويسرا المملكة العربية السعودية "بتعديل النظام الأساسي [...] ونظام مكافحة الجرائم الإلكترونية وجعلهما يتماشى مع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في حرية التعبير". وفي سياق مماثل، أوصت نيوزيلندا السعودية "بضمان عدم تجريم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير السلمي".
إطار مكافحة الإرهاب
أحد العوائق الرئيسية التي تواجهها المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان هو الإطار التشريعي لمكافحة الإرهاب، والذي لم يتناوله الوفد السعودي خلال الاستعراض الدوري الشامل. اعتمدت المملكة نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في عام 2017، والذي يجرم العديد من الأفعال التي تندرج تحت حماية حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وفقا لنتائج المجتمع المدني. ومن ثم، استخدمت السلطات السعودية باستمرار تشريعات مكافحة الإرهاب للحكم على المدافعين السلميين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين بأحكام بالسجن لفترات طويلة وعقوبات الإعدام، بما في ذلك المدافعات النساء عن حقوق الإنسان.
خلال الاستعراض الدوري الشامل، تلقت المملكة العربية السعودية 11 توصية لتعديل إطارها المحلي لمكافحة الإرهاب. أوصت النرويج المملكة العربية السعودية "بضمان امتثال تشريعات مكافحة الإرهاب للمعايير الدولية لحقوق الإنسان حتى لا يتم تجريم الممارسة السلمية لحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات". وفي سياق مماثل، أوصت النمسا المملكة العربية السعودية بتعديل “تعريف الإرهاب في تشريعات مكافحة الإرهاب”.
بالإضافة إلى ذلك، أوصت المملكة المتحدة السلطات السعودية "بتقييد استخدام المحكمة الجزائية المتخصصة في القضايا التي يتم تعريفها بشكل مناسب على أنها إرهابية، والسماح للصحفيين والدبلوماسيين بمراقبة مثل هذه المحاكمات بشكل روتيني".
حظر التعذيب وعقوبة الإعدام
وخلال الجلسة، ذكر وفد المملكة العربية السعودية أن التعذيب ممنوع منعا باتا في المملكة، وأن أي شخص يشارك في أعمال التعذيب يواجه عقوبة السجن لمدة 10 سنوات على الأقل. كما أكدت السلطات السعودية أنها تحترم بشكل كامل المعايير الدولية فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، وأكدت أنه تم إلغاء استخدامها على القاصرين.
لكن من الناحية العملية، ينتشر التعذيب على نطاق واسع في البلاد ويستخدم بانتظام ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين، بما في ذلك لانتزاع اعترافات قسرية واستخدامها في المحكمة كدليل وحيد لإدانتهم. لم يتم التحقيق مطلقًا في ادعاءات الضحايا، بل تم التستر عليها من قبل هيئة حقوق الإنسان السعودية. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من وعودها، لا تزال السلطات السعودية تستخدم عقوبة الإعدام ضد الأفراد الذين ارتكبوا جرائم عندما كانوا قاصرين. ويوجد حاليًا ما لا يقل عن تسعة أفراد ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، واثنان معرضين لخطر الإعدام الوشيك.
وفي ضوء ذلك تلقت السعودية 15 توصية تتعلق بحظر التعذيب. أوصت كوستاريكا بأن تقوم السعودية "بالتحقيق بشكل مستقل وفعال في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة"، في حين أوصت توغو المملكة العربية السعودية "بإدراج جريمة التعذيب، كما هي محددة في المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، في الأحكام الجزائية للبلاد". وأوصت دول أخرى، مثل كرواتيا، بأن "تصدق البلاد على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب".
كما تلقت المملكة 35 توصية بشأن إلغاء عقوبة الإعدام. على سبيل المثال، أوصت الأرجنتين المملكة العربية السعودية "بأن تحظر صراحة الحكم على القاصرين بعقوبة الإعدام"، في حين أوصت باراجواي وعدة دول أخرى السلطات "بإعلان وقف رسمي لعقوبة الإعدام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي".
الخطوات التالية
أمام السعودية مهلة حتى الدورة السادسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان – التي ستعقد في الفترة من 18 يونيو إلى 12 يوليو 2024 – لتقديم ردود على التوصيات التي تلقتها خلال الاستعراض الدوري الشامل. ستلتزم المملكة العربية السعودية بتنفيذ التوصيات المقبولة قبل الدورة الخامسة للبلاد.
ونحث المملكة العربية السعودية على قبول التوصيات المقدمة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وخاصة تلك المتعلقة بالحقوق الأساسية، وحظر التعذيب، وإلغاء عقوبة الإعدام، وكذلك التوصيات المتعلقة بتعديل إطار مكافحة الإرهاب.