يجب على العراق التراجع عن طرح مشاريع القوانين المقيدة للحريات الأساسية

05 أغسطس 2019

وجهت منا لحقوق الإنسان نداء إلى مقررين خاصين للأمم المتحدة دعتهما فيه إلى التدخل بشأن مشروعين قانونين قيد النظر حاليًا أمام مجلس النواب العراقي يهددان بتقييد الحريات الأساسية في البلاد

طالبت منا لحقوق الإنسان بتدخل اثنين من مقرري الأمم المتحدة الخاصين بشأن مسودتي قانونين أعيد طرحهما أمام مجلس النواب، وفي حالة تبني، هذه التشريعات فإنها ستؤثر سلبا على الحريات الأساسية في البلاد.

في يونيو 2019، أعاد البرلمان العراقي تقديم مشروع قانون بشأن حرية التعبير والتجمع والاحتجاج السلمي الذي جرى تعليقه في 13 مايو 2017، وطرح مشروع قانون الجرائم الإلكترونية في يناير 2019 بعد ما تم سحبهما تحت ضغوطات منظمات المجتمع المدني.

صيغت مسودة قانون حرية التعبير والتجمع والاحتجاج السلمي في عام 2010 وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء في مايو 2011. وناقشها البرلمان لأول مرة في يوليو 2016. انتقدت منظمات المجتمع المدني النص على نطاق واسع، واقترحت 22 منظمة غير حكومية عراقية قائمة بالتعديلات لضمان امتثال مشروع القانون للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. في 10 مايو 2017، أقرت اللجان البرلمانية بعض التوصيات، ولكن بعد ثلاثة أيام، تم تعليق التصويت على اعتماد القانون.

في يونيو 2019، عرض مشروع القانون من جديد دون مراعاة لمقترحات منظمات المجتمع المدني. ونظرا للأحكام العديدة المعيبة الواردة في المشروع القانون، قامت منا لحقوق الإنسان في 8 يوليو 2019 بمخاطبة كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات، وأوضحت أنه في حالة المصادقة على المشروع فإنه سيقيد بشدة الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي في البلاد.

وطالبت منا لحقوق الإنسان بعد دراستها التحليلية لمشروع القانون بأن يدعو المقرران الخاصان السلطات العراقية إلى تعديله بما يتماشى مع المعايير الدولية المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه العراق في عام 1971.

كما وجهت منا لحقوق الإنسان مذكرة مماثلة إلى المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في فبراير 2019 للمطالبة بسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية.

حرية التعبير

تُعرّف المادة 1 من مشروع القانون حرية التعبير بأنها "حرية المواطنين في التعبير عن أفكارهم وآرائهم من خلال التحدث أو الكتابة أو التصوير أو أي أشكال أخرى بطريقة لا تخل بالنظام العام أو الآداب العامة". أعربت منا لحقوق الإنسان عن قلقها كون هذا الحكم لا يشير إلى مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب في القيود المفروضة على الحق في حرية الرأي والتعبير. كما أن "الأخلاق العامة"، رغم تضمينها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تعني عمومًا المعايير التي وضعتها الدولة أو غالبية المجتمع، وبالتالي فهي تنطوي على خطر استبعاد الأقليات والأشخاص المهمشين من ما هو مقبول علنًا وأخلاقًا.

تنص المادة نفسها على حقوق المواطنين في الحصول على المعلومات من المؤسسات الرسمية وفقًا للقانون، ولكنها لا تتضمن أي التزام للسلطات بتقديم أسباب تقييدها للحق في الوصول إلى المعلومات. يخول مشروع القانون للمفوضية العليا لحقوق الإنسان - المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في العراق -  الحق في تلقي الشكاوى من المواطنين الراغبين في الطعن في قرارات الحكومة بحجب المعلومات. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار ذلك وسيلة انتصاف فعالة، لأن المفوضية العليا ليست محايدة ولا مستقلة عن السلطة التنفيذية. في عام 2015، توصلت اللجنة الفرعیة لاعتماد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان  (SCA)، وهي الهيئة المسؤولة عن تقييم استقلالية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وفعاليتها، أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان لا تمتثل بالكامل لمبادئ باريس التي تحدد المعايير التي يجب احترامها من قبل المؤسسات الوطنية.

حرية التجمع

بالإضافة إلى تقييد الحق في حرية التعبير، تعتقد منا لحقوق الإنسان أن العديد من الأحكام الواردة في مشروع القانون أخفقت في حماية وإعمال الحق في التجمع السلمي.

مشروع القانون، الذي يحل محل الأمر المؤقت 19 الذي يحكم التجمعات والمظاهرات، الذي اعتمدته سلطة التحالف المؤقتة في عام 2003، لا يفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

جاء في المادة 10 من مشروع القانون "للمواطنين الحق في المشاركة في المظاهرات السلمية للتعبير عن آرائهم أو المطالبة بالحقوق الممنوحة لهم بموجب القانون". يجوز استخدام الشروط المنصوص عليها في البند الثاني من الحكم ضد المتظاهرين الذين يدعون حقوقًا لم يمنحها القانون بعد.

ينص مشروع القانون على أن "للمواطنين الحق في عقد تجمعات عامة بعد الحصول على إذن مسبق من رئيس الوحدة الإدارية قبل خمسة أيام على الأقل من الحدث". تنص المعايير القانونية الدولية على ضرورة تفضيل نظام الإخطار لعقد التجمعات على نظام التصاريح، كما ذكرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مؤخرًا في مشروع التعليق العام على الحق في التجمع السلمي.  قد تكون هناك أسباب مشروعة لطلب الإخطار، إلا أن طلب التصريح  يتجاهل أن التجمع السلمي حق أساسي. وبما أن أنظمة الإخطار يجب أن تهدف فقط إلى حماية الحق في التجمع السلمي وعدم تقييده، فإن النظام القائم على إذن مسبق لا يمكنه إلا أن يحد من هذا الحق في الممارسة العملية.

لا يحدد المشروع القانون العقوبات التي سيواجهها منظمو الاحتجاج والمتظاهرين إذا تجمعوا دون إذن من السلطات. ويذكر فقط أن قانون العقوبات ينطبق على كل قضية لا يشملها القانون بشكل محدد، مما يعني في هذه الحالة أن المشاركين ومنظمي التجمعات غير المصرح لهم يخضعون لعقوبة السجن القصوى لمدة عام.

لكن الاكثر مدعاة للقلق هو إلزام منظمي المظاهرات بإبلاغ السلطات بأسمائهم. ونظرا للوضع الأمني الحالي للعراق، حيث يتم في كثير من الأحيان اعتقال المحتجين واستجوابهم وتخويفهم بل وقد يتعرضون للاختفاء القسري أو الإعدام خارج نطاق القضاء من طرف السلطات، فإن هذا المطلب من شأنه أن يشكل تهديدًا كبيرًا على أمنهم الشخصي ويؤدي إلى أعمال انتقامية.

آخر الأخبار