22 أبريل 2025

From left to right: Mouloud Boumghar, Special Rapporteur Mary Lawlor, Monia Ben Jemia, Nassera Dutour and Zakaria Hannache speak on the repression of civic space in Algeria during an event at the UN Human Rights Council in Geneva on 7 March 2025.
وقد شارك في تنظيم هذا الحدث كل من منظمة المادة 19، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومنظمة هيومن رايتس ووتش
شارك في الندوة خبراء في مجال حقوق الإنسان وممثلون عن المجتمع المدني الجزائري. وكان من بين المتحدثين ماري لولر، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان؛ وزكريا حناش، الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان؛ ومولود بومغار، أستاذ القانون العام؛ ونصيرة دوتور، رئيسة تجمع عائلات المفقودين في الجزائر. أدارت المناقشة مونية بن جمعة، رئيسة الأورو-متوسطية للحقوق.
في كلمتها الافتتاحية، نددت مونية بن جميعة بالقمع المتزايد للحريات الأساسية في الجزائر. وسلطت الضوء على االأساليب الاستبدادية التي تستخدمها السلطات، بما في ذلك السيطرة على القضاء، وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب، والقيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية. وقالت: ”إن استراتيجيات إسكات الأصوات هذه هي نموذجية لجميع الأنظمة الاستبدادية، ونحن نعرفها جيدًا“، قبل أن تعطي الكلمة للمتحدثين في الندوة.
دعوة السلطات الجزائرية للامتثال للمعايير الدولية
أكدت المتحدثة الأولى، ماري لولر، أنه على الرغم من التطمينات التي قدمتها السلطات الجزائرية، إلا أنه لم يلاحظ أي تحسن ملموس فيما يتعلق بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان منذ زيارتها.
وأشارت إلى أن المدافعين الذين يعملون في مجال الحقوق الاقتصادية بالتعاون مع مؤسسات الدولة يُمنحون بعض المساحة العملية، في حين أن المدافعين الذين يتناولون قضايا حساسة مثل الفساد وحماية البيئة والهجرة والحقوق الثقافية أو الدفاع عن المجتمع الأمازيغي يواجهون قيودًا كبيرة.
من وجهة نظر قانونية، حثت المقررة الخاصة السلطات الجزائرية على مواءمة قانون العقوبات مع قرار مجلس حقوق الإنسان لعام2022 ، الذي يدعو الدول إلى ضمان امتثال تدابير مكافحة الإرهاب للالتزامات الدولية وعدم المساس بحقوق وسلامة المدافعين عن حقوق الإنسان.
كما شددت في تقريرها على استخدام المادة 87 مكرر من القانون الجنائي لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان بذريعة مكافحة الإرهاب. فهذه المادة الفضفاضة والغامضة بشكل مفرط تتيح اعتقال وملاحقة النشطاء بشكل غير متناسب.
أعربت لولر أيضًا عن قلقها إزاء قمع الصحفيين والمدونين الذين ينتقدون الحكومة الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي. واختتمت كلمتها بالتأكيد على استعدادها للانخراط في حوار بنّاء وصادق مع الحكومة الجزائرية، داعيةً إلى مواءمة التشريعات المحلية مع المواثيق القانونية الدولية.
الاستغلال المثير للقلق لأحكام القانون الجنائي لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان
قبل التطرق إلى الوضع الأوسع للمدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر، تحدث زكريا حناش عن تجربته الشخصية مع المضايقات القضائية والنفي اللاحق. فقد حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بسبب عمله في توثيق الاعتقالات والملاحقات القضائية للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والصحفيين والمواطنين منذ الحراك، وندد حناش بالهجمات المستمرة ضد المجتمع المدني.
وذكّر بالحل التعسفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في عام 2022، والمعروفة بأنها واحدة من أقدم منظمات حقوق الإنسان في البلاد. كما انتقد السلطات لقيامها بإنشاء عشرات الجمعيات الموالية للحكومة والتي تعمل على الترويج لسجل الدولة في مجال حقوق الإنسان أكثر من الإبلاغ عن الانتهاكات.
وسرد حناش العديد من أحكام قانون العقوبات التي وصفها بالقمعية في جوهرها، بما في ذلك المواد 87 مكرر و95 و96 و99 و99 و100 و144 مكرر و146 و187 مكرر. وأوضح أثر هذه الأحكام بحالات محددة، مثل المدافع عن البيئة طاهر لربي، والرئيسة المشاركة للكونغرس الأمازيغي العالمي كاميرا نايت سيد، ومنير غربي عضو جمعية الدفاع عن سجناء الرأي.
انتهاكات حرية المعلومات وحرية تكوين الجمعيات والحق في الإضراب
قدم مولود بومغار، أستاذ القانون العام، تحليلاً قانونيًا للتطورات التشريعية الأخيرة في الجزائر. ووصف تدهورًا خطيرًا في الحريات الأساسية.
وذكّر بأن حرية الصحافة مكفولة في الدستور الجزائري، لكن نطاقها يبقى محدوداً ببنود فضفاضة تقيد الحقوق والحريات، وكذلك بالإشارة إلى التشريعات التي تحدد تطبيقها.
أعرب عن قلقه البالغ إزاء اعتماد القانون الأساسي للإعلام في أغسطس 2023، إلى جانب قانونين إضافيين صدرا في ديسمبر 2023 بشأن النشاط السمعي البصري والإعلام المكتوب والإلكتروني. ووفقًا لبومغار، "تضع هذه القوانين العديد من الخطوط الحمراء للصحافة والحق في الحصول على المعلومات، مما يُفرغ حرية التعبير وحرية الصحافة من جوهرهما".
ويتجلى التضييق على الفضاء المدني أيضًا في قطاع العمل. ففي عام 2023، فرضت الحكومة الجزائرية قيودًا صارمة على الحق في الإضراب. ويحظر القانون المتعلق بمنع وتسوية النزاعات العمالية الجماعية وممارسة الحق في الإضراب الإضرابات القائمة على دوافع سياسية أو تضامنية، وكذلك تلك التي تبادر بها النقابات التي تعتبر غير تمثيلية. كما ينص على نظام الترخيص المسبق، بما في ذلك الرقابة الموضوعية على الأنشطة النقابية.
وعلى الرغم من أن الدستور ينص على أنه لا يمكن حل الجمعيات إلا بقرار قضائي، إلا أن بومغار أشار إلى التفسير الفضفاض للأحكام القانونية. وأشار إلى أنه حتى الاتصال الأساسي بين جمعية جزائرية ومنظمة أجنبية يعتبر ”تعاونًا“، وهو ما يتطلب موافقة مسبقة من الحكومة. ويمكن أن يؤدي غياب هذه الموافقة إلى حل الجمعية الجزائرية. وفي الممارسة العملية، حسب قوله، فإن القانون الجزائري لا يدعم الحق في حرية تكوين الجمعيات.
الاختفاء والقمع والأمل: نصيرة دوتور تعطي صوتاً للمنسيين في الجزائر
وشددت نصيرة دوتور، رئيسة تجمع عائلات المفقودين في الجزائر، على أن الشروط الضرورية للنشاط الجمعوي يجب أن تبدأ بسيادة القانون واستقلالية القضاء واحترام الحريات الأساسية.
وترديدًا لما قاله المتحدثون السابقون، أعربت عن قلقها بشأن القوانين المصممة لخنق المعارضة، لا سيما المحامين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني المشاركة في حراك 2019. كما نددت دوتور بالانتهاكات المنهجية للإجراءات القانونية الواجبة، مشيرةً إلى الغياب المتكرر للمحامين أثناء جلسات الاستماع، والتقارير التي تتحدث عن الانتهاكات الجنسية أثناء الاعتقالات.
وذكّرت بقضية محمد تدجاديت، الشاعر الجزائري الشاب الذي تعرض للمحاكمة مراراً وتكراراً بسبب مشاركته في الاحتجاجات السلمية خلال حركة الحراك وممارسته حقه في حرية التعبير.
واستناداً إلى دفاعها الطويل الأمد عن الحقيقة والعدالة، ربطت دوتور بين الحملة الحالية على المجتمع المدني وفشل الدولة المستمر في تحقيق العدالة لضحايا الفظائع الماضية التي ارتكبت خلال "العقد الأسود".
بتأثرٍ عميق، تحدثت عن ابنها الذي اختفى عام ١٩٩٧ عن عمرٍ يناهز ٢١ عامًا خلال الحرب الأهلية الجزائرية. وبينما لا تزال تبحث عنه، تحدثت عن الألم الذي سببه الصمت الذي واجهته الآلاف من أمهات المفقودين على مر السنين.
واختتمت دوتور بتأكيد التزامها بالنضال من أجل الحقيقة والعدالة لعائلات المفقودين ومن أجل حرية الشباب الجزائرين واستقلال القضاء.
واختتمت الفعالية بجلسة أسئلة وأجوبة شارك فيها ممثلو المجتمع المدني التونسي الحاضرون في القاعة حول أوجه التشابه التي لوحظت بين الجزائر وتونس وأكدوا دعمهم للشعب الجزائري.
لمشاهدة المناقشة كاملة، اضغط هنا