19 نوفمبر 2019
توصل العراق خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي أجري في 11 نوفمبر، بحوالي 300 توصية من 111 دولة. وشملت التوصيات قضايا التعذيب والاختفاء القسري وتنفيذ عقوبة الإعدام. واغتنمت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هذه الفرصة لإثارة القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع السلمي، نظرًا للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الأمن منذ اندلاع المظاهرات المناهضة للحكومة في 1 أكتوبر.
في 11 نوفمبر 2019، قامت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالاستعراض الدوري الشامل الثالث للعراق أمام مجلس حقوق. وتقوم هذه هذه الآلية الأممية بفحص سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وإصدار توصيات إلى البلد المعني لتحسين سجله الحقوقي.
والعراق مطالب، خلال الدورة 43 القادمة لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2020، بإخطار مجلس حقوق الإنسان بالتوصيات التي قبل بها وتلك التي رفضها.
حرية التعبير والتجمع السلمي
في 1 أكتوبر 2019، اندلعت احتجاجات في بغداد والمدن الجنوبية للعراق، للمطالبة بتحسين الخدمات واتخاذ مزيد من الإجراءات لكبح الفساد. واجهت قوات الأمن العراقية المظاهرات بالقوة المفرطة وغير الضرورية والمميتة، وأسفرت التدخلات عن مقتل أكثر من 300 شخص وجُرح 15000 شخص منذ بداية الاضطرابات. بالإضافة إلى ذلك، قطعت وزارة الاتصالات عدة مرات شبكة الإنترنت وحظرت منصات التواصل الاجتماعي لفترات طويلة.
رداً على هذه الانتهاكات، دعت عدة دول السلطات العراقية إلى تعزيز الحق في حرية التجمع السلمي والتعبير. حثت فرنسا السلطات على رفع جميع القيود المفروضة على الوصول إلى الإنترنت، وأوصت سلوفاكيا العراق "بإجراء تحقيقات فورية وشاملة ونزيهة في عمليات القتل التعسفي التي وقعت خلال المظاهرات منذ الأول من أكتوبر من هذا العام، وكذلك في جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والإعدام دون محاكمة، التي وقعت في جميع الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية ". وقد قامت منا لحقوق الإنسان منذ 1 أكتوبر بتوثيق أربع حالات للمتظاهرين الذين تم اختطافهم بعد مشاركتهم في الاحتجاجات.
في هذا السياق، أوصت مولدوفا العراق باعتماد مسودة قانون حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي مع الامتثال تماما للقانون الدولي لحقوق الإنسان. و ترى منا لحقوق الإنسان أنه يجب تعديل مشروع القانون قبل اعتماده لأن النص في شكله الحالي يحتوي على العديد من الأحكام المعيبة التي تقيد بشدة الممارسة السلمية لحرية التعبير وكذلك الحق في التجمع السلمي في البلاد.
مكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان
منذ الاستعراض الدوري الشامل الثاني للعراق في عام 2014، تزايدت حدة المواجهات مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وقد تميز الصراع بانتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ارتكبتها جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الاستهداف العشوائي وغير المتناسب للمدنيين وعمليات القتل خارج نطاق القانون والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي. ويظل العراق في طليعة البلدان على المستوى العالمي من حيث عدد حالات الاختفاء القسري. تضع السلطات بشكل منهجي المشتبه فيهم في القضايا المتعلقة بالإرهاب خارج حماية القانون، وتقوم باحتجازهم في مرافق احتجاز سرية لأشهر إن لم تكن سنوات بمعزل عن العالم الخارجي وفي الحبس الانفرادي، مما يخلق بيئة مواتية لممارسة التعذيب. خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014 و 2017 اخفت القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي، المئات من المسلمين السنة أو المعتقد أنهم كذلك، خاصة الذين التي كانوا في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش.
يفتقر العراق إلى إطار قانوني يمكن أن يسهم في وقف الممارسة الواسعة والمنهجية للتعذيب والاختفاء القسري. وفي هذا الإطار أوصت مالطا بأن "يواصل العراق صياغته لتشريعات تهدف إلى منع التعذيب وكبح حالات الاختفاء القسري بهدف مواءمتها مع الالتزامات الدولية". هناك مشروع قانونين قيد النظر حاليًا أمام البرلمان العراقي، لكنهما لا يفيان بالمعايير الدولية المعمول بها.
وأثارت مقدونيا الشمالية مخاوف بشأن مدى ملاءمة التشريعات الحالية لمكافحة الإرهاب، وأوصت بأن يعالج العراق "نطاق تعريف الإرهاب وضمان امتثال أي تشريع قائم أو جديد لمكافحة الإرهاب امتثالاً تاماً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وأن تتوافق التدابير المتخذة لمكافحة الإرهاب تمامًا مع العهد".
عقوبة الاعدام
لا يزال العراق أحد أكثر الدول استخداما لعقوبة الإعدام على الصعيد العالمي، حيث تم تنفيذ 125 عملية إعدام في 2017 و 52 في عام 2018، مما يجعله وفقًا لمنظمة العفو الدولية يحتل المرتبة الخامسة عالميا. يعاقب القانون الداخلي العراقي بعقوبة الإعدام على جرائم لا ترقى إلى عتبة "أخطر الجرائم"، بما في ذلك القانون رقم 13 لعام 2005 بشأن مكافحة الإرهاب. وقد أوصت عدة دول بأن ينضم العراق إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وأوصت عدة دول باعتماد تعليق فوري للإعدام كخطوة أولى نحو إلغائه، بينما أوصت دول أخرى السلطات بتقليص عدد الجرائم التي المعاقب عليها بالإعدام.
وأوصت سويسرا بأن يقوم العراق بإصلاح تشريعاته لمكافحة الإرهاب لضمان محاكمة عادلة للمتهمين. وقد اتسمت محاكمات 11 مواطناً فرنسياً متهمين بالانتماء إلى تنظيم (داعش)، التزام السلطات القضائية بمعايير المحاكمة العادلة وقضت المحكمة الجنائية المركزية العراقية باعدامهم في الفترة ما بين 26 مايو و 3 يونيو 2019.
الخطوات المقبلة
من المنتظر أن يرد العراق على التوصيات التي تلقاها خلال الاستعراض الدوري الشامل خلال الدورة الرابعة والأربعون لمجلس حقوق الإنسان- التي ستعقد في الفترة من 24 فبراير 2020 إلى 20 مارس 2020 –. وعليه بعد ذلك القيام بتنفيذ التوصيات سيقبل بها وذلك قبل الاستعراض القادم المزمع إجراؤه في عام 2024.