21 نوفمبر 2024
في يوم الأربعاء الموافق ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٤، تبنت اللجنة الفرعية للاعتماد رسميًا توصياتها التي شملت خفض تصنيف المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى الفئة (ب). وأعربت اللجنة عن مخاوف جدية بشأن فشل المجلس في الالتزام بمبادئ باريس، وخاصة فيما يتعلق باستقلاليته وفعاليته وشفافيته. وأوضحت أن المجلس يفتقر إلى الاستقلالية نظرًا لتعيين أعضائه مباشرة من قبل السلطة التنفيذية عبر عملية لا تتمتع بالشفافية أو المشاركة، مما يضعف بشدة قدرة المجلس على العمل بدون تدخل حكومي. كما أشارت اللجنة إلى عدم فعالية المجلس في معالجة القضايا الحرجة المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك فشله في الرد بشكل كافٍ على الشكاوى المتعلقة بحالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، مما يقوض بشكل كبير مهمته في حماية حقوق الإنسان. علاوة على ذلك، انتقدت اللجنة افتقار المجلس للشفافية، مشيرة إلى أنه لم ينشر أي تقارير منذ عام 2020، مما يعوق قدرة المجتمع المدني والهيئات الدولية على تقييم عمله. وكجزء من توصياتها، دعت اللجنة إلى إجراء إصلاحات جوهرية لجعل المجلس متوافقًا مع مبادئ باريس، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ عملية تعيين شفافة وشاملة، وتعزيز استجابة المجلس لانتهاكات حقوق الإنسان، وضمان النشر المنتظم للتقارير العامة لتعزيز المساءلة.
يتماشى قرار اللجنة الفرعية مع المخاوف التي أثارتها لجنة العدالة، ومنّا لحقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان. ففي يونيو ٢٠٢٣، قدمت هذه المنظمات تقريرًا بديلًا للجنة الفرعية، أكدت فيه أن المجلس لا يفي بالمعايير المحددة في مبادئ باريس. وأبرز التقرير أن المجلس يفتقر إلى الاستقلالية لأن أعضائه يتم تعيينهم مباشرة من قبل البرلمان الذي تسيطر عليه الأغلبية الحاكمة، مما يجعله خاضعًا لتأثير غير مبرر من السلطة التنفيذية، وغير قادر على العمل كهيئة مستقلة تحاسب الحكومة على انتهاكات حقوق الإنسان. هذا التدخل من السلطة التنفيذية يقوض مصداقية المجلس وقدرته على اتخاذ مواقف حاسمة ضد الانتهاكات التي ترتكبها الدولة.
كما يفشل المجلس في معالجة مئات الشكاوى المتعلقة بحالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، مما يؤكد عدم رغبة المجلس في حماية حقوق الضحايا وعجزه عن الوفاء بمهمته. بالإضافة إلى ذلك، يظهر المجلس نقصًا في الشفافية، حيث لم ينشر أي تقارير منذ عام ٢٠٢٠، مما يعوق قدرة المجتمع المدني والهيئات الدولية على تقييم أدائه. وقد وثقت الجهات الفاعلة في المجتمع المدني العديد من الانتهاكات الخطيرة داخل السجون ومراكز الاحتجاز، بما في ذلك أعمال التعذيب وسوء المعاملة، ولكن نادرًا ما يثير المجلس هذه القضايا. وعندما يذكر المجلس مثل هذه الحالات، فإنه يصورها كحوادث فردية بدلاً من ممارسات ممنهجة. علاوة على ذلك، فإن زيارات المجلس لمنشآت الاحتجاز تتم دائمًا بترتيب مسبق مع السلطات، مما يضعف قيمتها كآليات للرقابة ويحولها إلى مجرد شكليات دون أي تأثير ملموس على تحسين ظروف الاحتجاز.
كما يتجاهل المجلس بشكل منهجي الانتهاكات الواسعة لحق المحاكمة العادلة، ويركز بدلًا من ذلك على الترويج لإنجازات الحكومة مثل التحول الرقمي وتعديلات قانون العقوبات، التي واجهت انتقادات واسعة. علاوة على ذلك، يفشل المجلس في معالجة التحديات الأساسية داخل النظام القضائي المصري، وخاصة الإفراط في استخدام المحاكمات الجماعية والإجراءات القانونية التي لا تستوفي معايير المحاكمة العادلة.
علاوة على ذلك، فإن إجراءات المجلس توفر فعليًا غطاءً ضمنيًا لعمليات القتل والإعدام خارج نطاق القانون في مصر، والتي غالبًا ما تستهدف المعارضين السياسيين بذريعة الحفاظ على الأمن والسلام. يتناقض هذا الموقف بشدة مع الدعوات الصادرة عن المنظمات الوطنية والدولية، وكذلك التوصيات الصادرة عن الدول الأعضاء خلال الاستعراض الدوري الشامل، والتي تحث مصر على فرض وقف تنفيذ عقوبة الإعدام ومعالجة الإفلات من العقاب من خلال إجراء تحقيقات موثوقة في مزاعم القتل خارج نطاق القانون والتعذيب والاختفاء القسري من قبل قوات الأمن، ونشر النتائج علنًا، وملاحقة المسؤولين عنها قضائيًا.
تعليقا على القرار، صرح المدير التنفيذي للجنة العدالة أحمد مفرح، بأن توصية التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ترسل رسالة قوية بأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يجب أن تكون أدوات مستقلة وفعالة تخدم المواطنين، وليست مجرد أدوات دعائية حكومية لتبييض الانتهاكات.
ومن جانبها علقت منظمة منّا لحقوق الإنسان على القرار بأنه يؤكد على الأهمية الحاسمة لضمان أن تكون المؤسسات الوطنية مستقلة وشفافة. مضيفة الي إن القرار ليس مجرد دعوة للإصلاح، بل هو دفع للمجلس القومي لحقوق الإنسان لاستعادة دوره الحقيقي كمدافع عن حقوق الإنسان بعيدًا عن الضغوط الحكومية.
وأكدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان بأن توصية التحالف العالمي تمثل فرصة نادرة لإعادة هيكلة شاملة للمجلس القومي لحقوق الإنسان. وأضافت إلى انه يجب أن تضمن الإصلاحات استقلاليته وتحويله إلى هيئة تضع مصالح وحقوق الشعب في المقام الأول.
يجب أن يعمل المجلس على تعزيز استقلاليته لضمان عدم تدخل الحكومة في أنشطته، وضمان استقلاله المالي والإداري. كما ينبغي على المجلس تحسين تفاعله مع المجتمع المدني من خلال إشراك منظمات حقوق الإنسان في صياغة السياسات وتقييم الأداء. علاوة على ذلك، يجب على المجلس محاسبة السلطات المصرية من خلال توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة الجناة، بالإضافة إلى ضمان الشفافية من خلال النشر المنتظم لتقارير شاملة عن أنشطته.
يجب أن يلتزم المجلس لحقوق الإنسان بالمعايير الخاصة بالاستقلالية والشفافية التي وضعتها مبادئ باريس. هذه المبادئ أساسية لعمل المؤسسات الوطنية كمراقبين ومدافعين عن حقوق الإنسان بعيدًا عن التدخلات السياسية أو الضغوط الحكومية. عندما يتم تقويض استقلالية المؤسسات الوطنية، تتحول إلى مجرد أدوات لتبرير سياسات الحكومة بدلاً من محاسبتها. الشفافية لا تقل أهمية، حيث تمكن المجتمع المدني والجمهور من مراقبة أنشطة المؤسسات وتقييم فعاليتها. بدون الشفافية، يتآكل الثقة مع الأطراف المحلية والدولية، مما يجعل المؤسسة غير فعالة. لذلك، يجب على المجلس تبني معايير واضحة لنشر التقارير، وتمكين المجتمع المدني من مراقبة عمله، وضمان استقلاله المالي والإداري عن السلطة التنفيذية.
تمثل توصية اللجنة الفرعية فرصة حاسمة للمجلس لإعادة هيكلة نفسه والتخلي عن دوره كوسيط حكومي ليصبح أداة حقيقية لحماية حقوق الإنسان في مصر. يجب أن تتجاوز عملية إعادة الهيكلة التغييرات الإدارية أو الشكلية وتشمل تبني رؤية استراتيجية تضع حقوق الإنسان في قلب مهمته. يجب على المجلس أن ينهي أي تبعية للحكومة ويعيد بناء علاقاته مع المجتمع المدني والضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان. وينبغي أن يبدأ بتطوير آليات جديدة لمعالجة الشكاوى بشفافية وفعالية أكبر، وإجراء زيارات غير معلنة ومستقلة لمراكز الاحتجاز. تمثل هذه الخطوة نقطة انطلاق للتحول الشامل لضمان أن تكون جميع سياسات وإجراءات المجلس موجهة نحو حماية حقوق الإنسان بدلاً من تبرير الانتهاكات. من خلال وضع حقوق الإنسان في صدارة أولوياته، يمكن للمجلس إعادة بناء الثقة العامة واستعادة مكانته كمؤسسة وطنية شرعية.
تشدد المنظمات الموقعة على أهمية قيام الجهات الدولية بمراقبة تنفيذ هذه الإصلاحات، وضمان عدم تكرار الانتهاكات السابقة، وتقديم الدعم الفني اللازم لتحويل المجلس إلى أداة فعالة ومستقلة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في مصر.
لجنة العدالة
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
منّا لحقوق الإنسان