تقييم سجل العراق في مجال حقوق الإنسان خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع

28 مارس 2025

لال الاستعراض الدوري الشامل في 27 يناير 2025، تلقى العراق 263 توصية من 93 دولة بشأن قضايا مختلفة بما في ذلك إطاره لحقوق الإنسان والحق في حرية التعبير وعقوبة الإعدام.

Najaf, Iraq - 28/1/2020: Kufa University students carry Iraqi flags and pictures of a civilian activist, Safaa al-Saray, who was killed by Iraqi government forces © Hayder Mohsin, licensed under Shutterstock.

في 27 يناير 2025، تم مراجعة سجل العراق في مجال حقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع للعراق .إن الاستعراض الدوري الشامل عبارة عن آلية لاستعراض الأقران تقدم بموجبها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توصيات إلى الدولة قيد الاستعراض حول كيفية تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان في ضوء التزاماتها الدولية. وقد ألقت العراق 263 توصية من 93 دولة حول قضايا مختلفة، بما في ذلك، من  أضمن مور أخرى، إطار عمل حقوق الإنسان والحق في حرية التعبير وعقوبة الإعدام.

وقبيل الاستعراض، قدمت منّا لحقوق الإنسان تقريرين موازيين يتضمنان شواغل وتوصيات رئيسية، تقرير عام عن حالة الحقوق المدنية والسياسية وتقرير آخر يركز على تصاعد حملة القمع ضد الحيز المدني، وتم تعميمهما على الدول التي خضعت للاستعراض. وقبيل الاستعراض الدوري الشامل للعراق، عرضت منّا لحقوق الإنسان نتائج التقريرين خلال جلسة ما قبل الاستعراض الدوري الشامل التي عقدتها منظمة ”الاستعراض الدوري الشامل - إنفو“ التي تتخذ من جنيف مقراً لها.

ويتعين على العراق إخطار مجلس حقوق الإنسان بالتوصيات التي يرغب في قبولها وتلك التي يرفضها قبل الدورة التاسعة والخمسين المقبلة لمجلس حقوق الإنسان في يونيو ويوليو 2025.

إطار عمل حقوق الإنسان

في أكتوبر 2024، خسرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق (IHCHR) مركزها من الفئة ”أ“ بعد خضوعها لمراجعة خاصة من قبل اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وقد خلصت اللجنة الفرعية للاعتماد إلى عدم امتثال المفوضية لمبادئ باريس، بما في ذلك عدم الاستقلالية والفعالية.

وفي هذا الصدد، قدمت عدة دول توصيات إلى العراق لضمان امتثال IHCHR لمبادئ باريس بشكل كامل. وأوصت جمهورية كوريا  تحديداً بأن يقوم العراق ”بالإسراع في تعيين مجلس مفوضي حقوق الإنسان لضمان تنفيذ ولايتها في حماية حقوق الإنسان“.

وكما كان الحال خلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث للعراق، قُدمت عدة توصيات للسلطات بشأن التصديق على جميع معاهدات حقوق الإنسان العالقة، بما في ذلك نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والبروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بعقوبة الإعدام.

حرية التعبير والتجمع السلمي

ذكر العراق في تقريره الوطني أنه تم إحراز تطورات فيما يتعلق بحرية التعبير، مع استخدام إقليم كردستان العراق خطة عمل لعام 2021-2025 تحديداً لتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة الفساد والتعذيب.

على أرض الواقع، وجدت منّا لحقوق الإنسان أن قمع حرية التعبير والتجمع في كل من العراق الاتحادي وإقليم كردستان العراق لا يزال مرتفعاً. على الرغم من قبول العراق لمعظم التوصيات المتعلقة بحرية التعبير والتجمع السلمي بعد الاستعراض الدوري الشامل لعام 2019، إلا أن السلطات استخدمت العنف لقمع الاحتجاجات السلمية في أكتوبر 2019 في العراق، وفي أغسطس 2020 في إقليم كردستان العراق. فقد اعتُقل المتظاهرون قسراً واحتجزوا تعسفاً وأُعدموا بإجراءات موجزة في بعض الحالات.

وأوصت العديد من الدول بدعم الحق في حرية التجمع السلمي. فعلى سبيل المثال، أوصت المملكة المتحدة وجمهورية الدومينيكان بالتحقيق في أعمال العنف ضد المتظاهرين.

ومنذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير، زاد العراق من القيود على وسائل الإعلام. على سبيل المثال، تم انتقاد هيئة الإعلام والاتصالات، وهي هيئة تنظيمية للبث الإذاعي والاتصالات السلكية واللاسلكية ومرتبطة بالبرلمان، باعتبارها هيئة مسيسة فعلياً وتُستخدم كأداة للسيطرة على وسائل الإعلام. وفي جمهورية كردستان العراق، تعرض الصحفيون والعاملون في وسائل الإعلام للمضايقة والاعتقال بسبب انتقادهم للسلطات.

وفي ضوء هذه التطورات، أوصت عشرات الدول العراق باحترام الحق في حرية التعبير. مثلاً، أوصت جمهورية الدومينيكان بألا تشمل العقوبات المفروضة على الصحفيين أحكاماً بالسجن، وأن يتم الإفراج عن الصحفيين المعتقلين.

الفضاء المدني والمدافعون عن حقوق الإنسان

على الرغم من أن العراق أيد توصيات حماية المدافعين عن حقوق الإنسان بعد جلسة الاستعراض الدوري الشامل الأخيرة، بما في ذلك ضمان حريتهم في التعبير والتحقيق في حالات اختفائهم، إلا أنهم لا يزالون يواجهون قمعاً كبيراً في البلاد. في العراق الاتحادي، تم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتحدثون عن الاعتقالات والاختفاء القسري والقتل الذي ارتكب خلال مظاهرات أكتوبر 2019 بشكل متزايد. وفي إقليم كردستان العراق، استخدمت السلطات قوانين غامضة الصياغة مثل قانون الأمن الوطني لعام 2003 لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان. على سبيل المثال، في الفترة ما بين أغسطس 2020 ويوليو 2021، اعتقلت قوات الأمن نحو 76 صحفيًا وناشطًا ومعلمًا من منطقة بهدينان واحتجزتهم في إقليم كردستان العراق.

وفيما يتعلق بهذه التطورات المثيرة للقلق، أوصت النرويج وفنلندا وإسبانيا بأن يسمح العراق للمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل دون خوف، لا سيما من الترهيب أو الاضطهاد أو الاعتقال.

حالات الاختفاء القسري

لم يتغير الكثير منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير للعراق فيما يتعلق بممارسة الاختفاء القسري ولا يزال العراق أحد البلدان التي تضم أكبر عدد من الأشخاص المختفين في جميع أنحاء العالم، حيث يقدر عدد الأشخاص المفقودين والمختفين بما يتراوح بين 250,000 ومليون شخص حتى الآن. وعلى الرغم من وجود مشروع قانون بشأن الاختفاء القسري قيد الإعداد منذ عدة سنوات، إلا أن التشريعات العراقية لا تزال تفشل في تقنين الاختفاء القسري كجريمة مستقلة، كما هو مطلوب بموجب القانون الدولي. وفي الممارسة العملية، لا تزال التحقيقات التي تجريها السلطات العراقية في حالات الاختفاء غير فعالة، ولا يزال مصير المختفين وأماكن وجودهم مجهولة.

في هذا الصدد، أوصت المكسيك العراق ”بتصنيف الاختفاء القسري كجريمة مستقلة، وتعزيز التعاون مع اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري“، بينما اقترحت كرواتيا أن ينشئ العراق سجلاً عاماً على مستوى البلاد بشأن المفقودين. وأوصت شيلي بضرورة إجراء تحقيقات في حالات الاختفاء القسري، وكذلك في حالات التعذيب وسوء المعاملة، وفقاً للمعايير الدولية.

عقوبة الإعدام

حتى اليوم، لم يصادق العراق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا تزال عقوبة الإعدام سارية المفعول في العراق. وفي السنوات الأخيرة، استمر تنفيذ عمليات إعدام سرية وجماعية بإجراءات موجزة لمعتقلي سجن الناصرية المركزي، دون إخطار مسبق لمحاميهم أو عائلاتهم. وقد حُكم على العديد منهم بالإعدام استناداً إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب، بعد محاكمات معيبة تتعلق بالإرهاب لم تحترم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والحق في الإجراءات القانونية الواجبة. وذكرت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة أن عمليات الإعدام هذه قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية. واعتباراً من عام 2024، يواجه ما يقدر بـ 8000 شخص خطر الإعدام الوشيك في العراق الاتحادي. وفي إقليم كردستان العراق، اعتباراً من عام 2023، كان هناك أكثر من 440 محكومًا بالإعدام.

وأوصت 27 دولة السلطات العراقية بتبني وقف رسمي لعقوبة الإعدام بهدف إلغائها بالكامل. وأوصت أستراليا وجمهورية الدومينيكان والسويد بوقف تنفيذ أحكام الإعدام المعلقة، بينما اقترحت كوستاريكا ضرورة ضمان محاكمات عادلة.

الخطوات التالية

أمام العراق مهلة حتى الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان - التي ستُعقد في الفترة من 16 يونيو إلى 11 يوليو 2025 - لتقديم ردود على التوصيات التي تلقاها خلال الاستعراض الدوري الشامل. وسيلتزم العراق بتنفيذ التوصيات المقبولة قبل الدورة الخامسة.

إننا نحث العراق على قبول التوصيات التي قدمتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لا سيما تلك المتعلقة بالحقوق الأساسية وحظر الاختفاء القسري والتعذيب وإلغاء عقوبة الإعدام.

آخر الأخبار