02 أغسطس 2019
25 يوليو 2019
سعادة السيد موسى فكي محمد،
نتوجه إليكم بصفتكم رئيسا لمفوضية الاتحاد الأفريقي وأمانة المنظمة القارية المسؤولة عن جدول العمل السياسي وتنمية شعوب أفريقيا. ونحن مطمئنون أنكم ستعملون على تعزيز أهداف الاتحاد الأفريقي.
تعمل المنظمات الموقعة أدناه على النهوض بحقوق الإنسان في أفريقيا، وهي تخابطبكم للتعبير عن قلقها العميق بشأن حالة حقوق الإنسان في جمهورية مصر. تسلط هذه الرسالة الضوء بشكل خاص على بعض الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في مصر. نعتقد أنكم على علم ببعض المسائل التي أثيرت في هذه الرسالة، لكننا نركز عليها بسبب الوضع المروع وخطورة الانتهاكات.
استضافت مصر كأس إفريقيا للأمم في الفترة من 21 يونيو - 19 يوليو الذي أثار الكثير من الحماس لدى شعوب إفريقيا ، لكن خلف ذلك تتعرض حقوق الإنسان في البلاد لتهديدات خطيرة. تشمل انشغالاتنا التدخل في نظام العدالة والاختفاء القسري واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المستقلة. ونشعر بالقلق إزاء الاستخدام المنهجي للتعذيب والاحتجاز المطول قبل المحاكمة وتقليص مساحة الأنشطة المدنية وغيرها من الانتهاكات ذات الصلة كما نوضح أدناه:
التدخل في نظام العدالة وانتهاك حقوق المحاكمة العادلة
في أبريل 2019 ، تم تعديل الدستور المصري لإعطاء الجهاز التنفيذي سلطات واسعة للسيطرة على القضاء. يتمتع الرئيس، في المواد الدستورية المعدلة 185 و 189 و 193، بسلطات تعيين رؤساء الهيئات القضائية بما في ذلك رئيس المحكمة الدستورية العليا والمدعي العام. علاوة على ذلك، تخول المادة 200 للسلطة التنفيذية، ولا سيما الجيش مهمة "حماية الدستور والديمقراطية وحماية (...) الحقوق والحريات الفردية". ، تنتهك هذه التعديلات بشكل قاطع فكرة الفصل بين السلط لضمان الرقابة والتوازن بين أجهزة الحكومة. لكن في ظل الجيش وطالما لم يتم وضع نظام مناسب من الضوابط، فهناك مخاطر كبيرة في أن لا يقوم الجهاز القضائي بدوره بفعالية.
كانت وفاة الرئيس المصري السابق يوم الاثنين 17 يونيو 2019، حدثا فظيعا آخر يفضح انتهاك مصر لحقوق المحاكمة العادلة. توفي مرسي في قاعة المحكمة أثناء حضوره جلسة محاكمته بتهمة التجسس. تشير التقارير إلى أن وفاته قد تكون مرتبطة بإهمال السلطات المصرية تزويده بالعلاج الطبي الناسب لداء السكري والكبد واالاختلالات الكلوية.
حالات الاختفاء القسري والاعتقال الجماعي والاعتداءات على النشطاء
استخدمت قوات الأمن حالات الاختفاء القسري لبث الرعب لذى السكان في البلاد. وثقت هيومن رايتس ووتش 1530 حالة اختفاء قسري في مصر بين يوليو 2013 وأغسطس 2018. ونعرب عن انشغالنا بشكل خاص من أن حالات الاختفاء القسري والاعتقالات الجماعية استخدمت ضد النشطاء الحقوقيين والمعارضين للرئيس السيسي في محاولة للقضاء على المعارضة في البلاد ـ. ومن بين ضحايا هذه الاعتقالات نشطاء سياسيون مثل المدافع عن حقوق الإنسان وائل عباس؛ الطبيب الجراح شادي الغزالي حرب؛ المحامي هيثم محمدين، والناشطان أمل فتحي وشادي أبو زيد، والمحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان هدى عبدالمنعم البالغة 60 عامًا والناشط علاء عبد الفتاح. في 1 نوفمبر 2018، تم الإبلاغ عن اختفاء عزت غنيم، المدير التنفيذي لمنظمة التنسيق المصري للحقوق والحريات (ECRF) ، لعدة أشهر.
هجمات على وسائل الإعلام
خول قانون 2018، الذي ينظم الصحافة والإعلام، صلاحيات واسعة لمجلس الإعلام لحجب المواقع الإلكترونية وإغلاق القنوات التلفزيونية ومنتديات النشر الأخرى دون حاجة لأمر قضائي. ويضع القانون أيضًا الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت إشراف مجلس الإعلام. وهذا يعني أنه يمكن توقيف أي شخص لنشره أخباراً مزيفة على حسابه الشخصي، حتى لو تم نشر الموضوع على سبيل السخرية. تفاقم الوضع باحتجاز المهنيين في وسائل الإعلام مثل الصحفيين. على سبيل المثال لا الحصر، حكم على محمود أبو زيد (شوكان)، مصور صحفي، بالسجن لمدة 5 سنوات، وعبد الله الشامي، صحفي أيضًا ، حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا غيابيًا لمجرد قيامه بعمله، وخاض إضرابا عن الطعام في السجن. منذ مدة وجيزة تم اعتقال هشام جعفر، صحفي ومدافع عن حقوق الإنسان، ومدير منظمة غير حكومية تركز على الدراسات الإعلامية. تم احتجاز جعفر لمدة 3 سنوات ولم يتم الإفراج عنه إلا في أبريل 2019. نؤكد أن الحملة على وسائل الإعلام قد أثرت سلبًا على الحق في حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات. ونعتقد أنه إذا أردنا لهذه الحقوق أن تزدهر في مصر، فيجب على السلطات أن تسعى إلى تحسين سجل حقوق الإنسان بالسماح بحرية الإعلام وضمنيا بالحق في الوصول إلى المعلومات. يجب على السلطات المصرية الامتناع عن مهاجمة مهنيي المجال الإعلامي.
التعذيب
أشار تقرير لجنة مناهضة التعذيب لعام 2017 بأن ممارسة التعذيب "اعتيادية وواسعة الانتشار ومتعمدة في جزء كبير من أراضي مصر". ويضيف التقرير أن التعذيب يحدث بشكل متكرر بعد الاعتقالات التعسفية وغالبًا ما يتم للحصول على اعترافات أو لمعاقبة وتهديد المعارضين السياسيين. يرتكب التعذيب على أيدي المسؤولين العسكريين ومسؤولي الشرطة والسجون المصريين. ويسهل النواب العامون والقضاة وموظفو السجون هذه الممارسة البذيئة بتقاعسهم عن كبح التعذيب والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة أو بعدم الاهتمام بالشكاوى.
الاحتجاز السابق للمحاكمة
يكرس قانون الإجراءات الجنائية المصري أحكاماً غامضة للغاية للاعتقال السابق للمحاكمة. وقد أدى ذلك إلى احتجاز مطول للصحفيين والنشطاء السياسيين الذين كانوا جريئين لانتقاد نظام الحكم في البلاد. ومن الأمثلة على ذلك الاحتجاز المطول للصحفي المصري محمود حسين جمعة علي، الذي قُبض عليه لأكثر من عامين دون تهم. يشتبه في أن اعتقال محمود العقابي قبل المحاكمة هو رسالة من الحكومة المصرية إلى الصحفيين الذين يجرؤون على التحدث علانية ضد السلطات الحاكمة.
التضييق على مجال العمل المدني
عرفت الدورة العادية الرابعة والستون للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، المنعقدة في شرم الشيخ في مصر تقارير مفزعة عن تقييد النشاط المدني. واجه العديد من ممثلي منظمات المجتمع المدني العاملة في القارة الإفريقية صعوبات جمة في الحصول على تأشيرات الدخول. لم يتمكن المشاركون من غانا وملاوي والسودان وأوغندا وتنزانيا من الحصول على تأشيرات لحضور الجلسة. شملت القيود غير المباشرة رسومًا باهظة لاستضافة الفعاليات الموازية التي ينظمها المجتمع المدني، إضافة إلى سوء التواصل المتعمد بشأن التحضير للفعاليات. ثبت أن التسجيل لحضور الدورة كان صعبا وتحدث بعض المشاركين عن ما يبدو أنه تدخلي ومضايقة من قبل رجال الأمن. وتدعو المشاهد أعلاه المرء إلى التفكير في التحديات التي تواجه منظمات حقوق الإنسان العاملة في مصر.
صاحب السعادة
في عام 1984 ، صدقت مصر على الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وهو صك يلزم الدول الأعضاء باحترام وحماية وإعمال جميع حقوق الإنسان المعترف بها في الميثاق. حري بمصر كدولة عضو ورئيسة حالية للاتحاد الأفريقي أن تعمل على تعزيز حقوق الإنسان ودعم مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.
صاحب السعادة
لا تتوافق انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في مصر مع التزامات البلد والقوانين المحلية ، بما في ذلك الدستور والصكوك الدولية والإقليمية الرئيسية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها مصر. كما أنه ينتهك الهدفين 3 (ز) و (ح) من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي الذي تحث الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي على تعزيز المشاركة الشعبية وحقوق الإنسان والشعوب. وإذ نشير إلى دور الاتحاد الأفريقي باعتباره المؤسسة الإقليمية الرائدة المكلفة بتحسين حياة شعوب أفريقيا، وبالمواطنين المصريين على الخصوص، نناشدكم بكل احترام باتخاذ تدابير لضمان عودة حكومة مصر إلى احترام سيادة القانون، وضمان الحماية الكافية لحقوق الإنسان ومواءمة ممارساتها مع المعايير الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المصادق عليها بما في ذلك القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. نطلب منكم بكامل الاحترام أن تنظروا في إدراج حالة حقوق الإنسان في مصر كنقطة للمناقشة في جدول أعمال القمة القادمة لمجلس رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي مع توصية لمؤتمر القمة بالتداول بشأن مطالبة الحكومة المصرية بما يلي:
1. اتخاذ خطوات لضمان الامتثال التام لمعايير حقوق الإنسان الدولية والإقليمية؛
2. احترام فصل السلط بعدم التدخل في نظام العدل ؛
3- وقف حالات الاختفاء القسري والتحقيق في مرتكبي الاختفاء القسري ومعاقبتهم؛
4. التحقيق مع المسؤولين ومعاقبتهم ووقف الاعتداءات على المعارضين السياسيين والمتظاهرين المسالمين والصحفيين؛
5. احترم حق الوصول إلى المعلومات وحرية الإعلام. وبخاصة، رفع الحظر المفروض على الصحافة ووسائل الإعلام المستقلة؛
6. التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة مرتكبي التعذيب وضمان المساعدة والتعويضات للضحايا؛
7. إمعالجة مسألة الاعتقال المطول السابق للمحاكمة والإفراج عن جميع المحتجزين في انتظار المحاكمة دون توجيه تهم إليهم؛
8. تعزيز ثقافة الحوار والمشاركة والامتثال للمعايير المعترف بها دوليا وإقليميا بشأن سيادة القانون ومجال العمل المدني؛
كما نرجو من سعادة أن توصوا أن الاتحاد الأفريقي بــ:
9. مطالبة مصر بتقديم تقرير عن التدابير والتقدم المحرز في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في البلاد.
المنظمات الموقعة
- مركز المشورة والمساعدة في مجال حقوق الإنسان (CREAA)
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
- مبادرة حرية (The Freedom Initiative)
- معهد حقوق الإنسان والتنمية في أفريقيا (IHRDA)
- الشبكة الأفريقية للمدافعين عن حقوق الإنسان
- منّا لحقوق الإنسان
- المبادرة المسيحية في الجنوب الأفريقي( (SACHI
- شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان في الجنوب الأفريقي (SAHRDN)
- المدافعون عن حقوق الإنسان في غرب أفريقيا
- التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين (CIVICUS)