26 يونيو 2025

©Asset id: 2525689107
26 يونيو/حزيران 2025
بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يوافق يوم 26 يونيو/حزيران– ويرمز إلى الالتزام العالمي بإنهاء ممارسة التعذيب والمعاملة السيئة – نعرب نحن، المنظمات الموقعة أدناه، عن قلقنا العميق إزاء استمرار الإفلات من العقاب على جريمة التعذيب في لبنان، وعدم التنفيذ الفعّال لقانون معاقبة التعذيب الذي تم إقراره عام 2017.
على الرغم من انضمام لبنان إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيبفي عام 2000، والبروتوكول الاختياري الملحق بها في عام 2008، وسنّه القانون رقم 65/2017، لا تزال الخطوات العملية لضمان منع التعذيب والمعاملة السيئة ومحاسبة الجناة محدودة للغاية. علاوة على ذلك، لم يتم بعد اعتماد بروتوكول إسطنبول كمرجع وطني لتوثيق حالات التعذيب والمعاملة السيئة والتحقيق فيها.
في 19 سبتمبر/أيلول 2017، أقرّ البرلمان اللبناني القانون رقم 65/2017 الذي يجرّم التعذيب، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى تعديلات جوهرية ليتماشى مع التزامات لبنان الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب. فقد دعت لجنة مناهضة التعذيب لبنان إلى تعديل القانون لإلغاء مرور الزمن، وضمان أن تعكس العقوبات خطورة الجريمة، وتضمين تعريف شامل للتعذيب يتوافق مع الاتفاقية. كما أشارت اللجنة إلى مستويات عالية من الإفلات من العقاب في ما يتعلق بجريمة التعذيب.
وبعد أكثر من سبع سنوات على إقرار القانون، لم تُسجّل أي ملاحقات جدّية بحق مرتكبي التعذيب المزعومين، ولم يتم التحقيق في معظم الشكاوى المقدّمة استنادًا إلى هذا القانون. وغالبًا ما يتم تجاهل شكاوى الضحايا أو إحالتها إلى القضاء العسكري، في انتهاك لمبدأ استقلالية القضاء وحياده.
في يوليو/تموز 2019، عيّنت الحكومة أعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك لجنة الوقاية من التعذيب المنشأة بموجب البروتوكول الاختياري. ومع ذلك، لا تزال الهيئة غير قادرة على أداء مهامها بسبب عدم صدور المراسيم التطبيقية اللازمة، وغياب التمويل والتسهيلات الإدارية.
قضية بشار عبد السعود
في 31 أغسطس/آب 2022، توفي بشار عبد السعود، وهو لاجئ سوري، بعد يوم واحد فقط من توقيفه من قبل المديرية العامة لأمن الدولة. وأشارت التقارير إلى أنه تعرّض للتعذيب على يد ضابط وأربعة عناصر من ذوي الرتب في مركز أمن الدولة في تبنين. وعلى الرغم من توقيف الخمسة، أُحيلت القضية إلى المحكمة العسكرية، في انتهاك لالتزامات لبنان المحلية والدولية.
في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وبعد نحو عامين على وفاته، أصدرت المحكمة العسكرية في بيروت حكمها في القضية: حُكم على جميع المتهمين بالسجن للمدة التي قضوها مسبقًا، بعدما خفّضت المحكمة تصنيف الجريمة من جناية إلى جنحة، وأسقطت تهمة جناية التعذيب، واستبدلتها بالمادة 166 من قانون القضاء العسكري التي تجرّم مخالفة الأنظمة والتعليمات العامة.
وقد صدر هذا الحكم من دون مبررات كافية، رغم وجود أدلة قوية تُثبت أن التعذيب الذي تعرّض له السعود أثناء احتجازه كان السبب المباشر لوفاته. ويتعارض هذا القرار مع تقارير طبيبين شرعيين عيّنتهما السلطات القضائية، أكدا أن الوفاة نتجت عن الضرب المبرح الذي تعرّض له أثناء الاحتجاز.
قضية عبد الرحمن القرضاوي
في 28 ديسمبر/كانون الأول 2024، تم توقيف الشاعر والمعارض السياسي عبد الرحمن يوسف القرضاوي في لبنان عند عودته من سوريا، بناءً على مذكرة صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، على خلفية تهم ذات دوافع سياسية من مصر والإمارات. يُعرف القرضاوي بمواقفه النقدية تجاه النظامين ودفاعه الصريح عن الحريات الديمقراطية، وقد وُجهت إليه تهم بالتحريض على الاضطرابات ونشر معلومات كاذبة.
قامت السلطات اللبنانية باستجوابه ودرست طلبات تسليمه من مصر والإمارات. وعلى الرغم من الطعون القانونية والتدخلات العاجلة من منظمات حقوق الإنسان و المقررين الخاصين للأمم المتحدة، قامت السلطات اللبنانية بترحيله إلى الإمارات في 8 يناير/كانون الثاني 2025، وهو محتجزٌ بمعزلٍ عن العالم الخارجي منذ ذلك الحين، ومُنع من الاتصال بعائلته إلا مرةً واحدةً سُمح له فيها بإجراء مكالمةٍ هاتفيةٍ مع عائلته لمدة دقيقةٍ واحدة. كما لا يزال محرومًا من الحصول على محامٍ من اختياره.
إن ترحيل القرضاوي شكّل انتهاكًا لالتزامات لبنان بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب ومبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي، الذي يحظر ترحيل أي شخص إلى بلد يواجه فيه خطرًا حقيقيًا بالتعرض للتعذيب أو لانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان. وقد تم الترحيل رغم وجود طعن قانوني وأدلة قوية على احتمال تعرضه للتعذيب أو المعاملة السيئة، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن إساءة استخدام آليات التعاون القضائي في المنطقة لقمع المعارضين.
وفي ظل استمرار اختفائه القسري منذ يناير/كانون الثاني 2025، ووفقًا لالتزامات لبنان بموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية واتفاقية مناهضة التعذيب، يجب على السلطات اللبنانية إجراء مراجعة شفافة لقرار ترحيل عبد الرحمن القرضاوي، والانخراط رسميًا مع السلطات الإماراتية لضمان سلامته، وكشف مصيره ومكان احتجازه، وضمان تمكينه من التواصل مع محاميه وعائلته.
التوصيات:
نحن، المنظمات الموقعة أدناه، نحث السلطات اللبنانية على اتخاذ الإجراءات العاجلة التالية:
- احترام الالتزامات الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري الملحق بها، وتنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة.
- الاعتراف بصلاحية لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة لتلقي الشكاوى الفردية بموجب المادة 22 من الاتفاقية، وتعزيز آليات التظلّم.
- إحالة جميع قضايا التعذيب إلى المحاكم العادية وفقًا للمادة 15 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وضمان محاكمات عادلة وشفافة.
- إجراء تحقيقات سريعة، مستقلة، فعالة، ومحايدة في جميع شكاوى التعذيب والمعاملة السيئة.
- إقرار قانون يضمن استقلالية القضاء وفقًا للمعايير الدولية، بما يكفل نزاهة وحياد السلطة القضائية، لا سيما في قضايا التعذيب والمعاملة السيئة.
- نشر تقارير اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة بشأن لبنان، لتعزيز الشفافية والمساءلة.
- اعتماد بروتوكول إسطنبول كمرجع إلزامي في التحقيقات الطبية والقضائية، وتدريب القضاة والأطباء الشرعيين على مضمونه.
- تعديل القانون رقم 65/2017 المتعلق بمعاقبة التعذيب، ليشمل تعريفًا أكثر دقة وشمولًا للجريمة، وإلغاء التقادم، وفرض عقوبات تتناسب مع خطورة الجريمة، وحصر اختصاص النظر في قضايا التعذيب بالمحاكم العادية.
- تمكين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من أداء مهامها فورًا من خلال إصدار المراسيم التنفيذية اللازمة وتوفير الموارد الكافية.
- توفير برامج دعم وإعادة تأهيل خاصة لضحايا التعذيب، وكذلك للاجئين الذين تعرضوا للترحيل القسري، وضمان حصولهم على الخدمات الطبية والنفسية والقانونية.
:الموقعون
الأورو-متوسطية للحقوق
براود ليبانون
جمعية ضحايا التعذيب
حركة المسيحيين من أجل إلغاء التعذيب (أكات فرنسا)
مركز سيدار للدراسات القانونية
مركز وصول لحقوق الإنسان
معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط
المفكرة القانونية
منا لحقوق الإنسان
المنبر المصري لحقوق الإنسان
المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب
منظمة العفو الدولية
منظمة تواصل لحقوق الإنسان
مؤسسة الكرامة
مؤسسة أوميغا للأبحاث
مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان
هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية