11 ديسمبر 2019
تشريعات غير ملائمة تنتظر كلمة مجلس النواب العراقي
لايفي مشروع قانون مناهضة التعذيب ولا مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري بالمعايير الدولية، ومع ذلك لا زالا قيد النظر أمام مجلس النواب العراقي. ينتشر التعذيب والاختفاء القسري على نطاق واسع في البلاد، وتمارسهما بانتظام السلطات والميليشيات التي ترعاها الدولة.
وبسبب الاضطرابات السياسية الحالية في العراق وإعلان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن استقالته في 29 نوفمبر 2019، يجهل متى سيتم التصويت على هذين القانونين. أفادت مصادر عديدة عن اختفاء ناشطين ومسعفين متطوعين خلال الموجة الأخيرة من الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي. وبسبب عدم تقيدها بالمعايير الدولية، سيفشل هذين المشروعين- في حال سنهما - في حماية المواطنين العراقيين وضمان احترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
قصور في القانونين
يتخلل كلا المشروعين فجوات خطيرة، مما يقوض فعاليتهما. فمشروع قانون مناهضة التعذيب، يقتصر في تعريفه "للتعذيب" على أنه "كل فعل أو الامتناع عن فعل يمثل اعتداء بغية الحصول على اعتراف...يتسبب فيه القائم بالتحقيق". يعتري هذا التعريف قصور كبير مقارنة بالتعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب، والذي ينص على أنه يمكن أيضًا ممارسة التعذيب من أجل "....معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أوتخويفه أو إرغامه هو أو أى شخص ثالث... لأى سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه". علاوة على ذلك، لا ينطبق مشروع القانون إلا على الأفعال التي تحدث أثناء التوقيف والتحقيق والاحتجاز. لكن وكما يتضح من الأحداث الأخيرة، فإن حظر التعذيب ينطبق أيضًا ، ضمن أمور أخرى، عند لجوء قوات الأمن إلى استخدام القوة غير الضرورية أو المفرطة أو غير القانونية.
من ناحية أخرى يتوافق جل تعريف "الاختفاء القسري" في مشروع القانون مع المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، إلا أنه لا يشمل سوى"الضحايا والجناة"، رغم أن التعريف وفقًا للمادة 24 من الاتفاقية الدولية يتضمن "أي شخص لحق به ضرر مباشر من جراء هذا الاختفاء". يتصدر العراق أعلى معدلات الاختفاء القسري في العالم، ومع ذلك لا يوجد في مشروع القانون ما ينص على أن حالات الاختفاء القسري التي تحدث كجزء من ممارسة واسعة النطاق أو منهجية، تشكل جريمة ضد الإنسانية.
انعدام المسؤولية الجنائية
لكي يكون القانون فعالاً، يجب أن يضمن أن الأفراد الذين يشاركون في ارتكاب جريمة ما يمكن أن يتحملوا المسؤولية الجنائية. في حالة عدم استيعاب جميع الأحكام المنصوص عليها في المادة 6 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإن مشروع القانون لا يوسع المسؤولية الجنائية لتشمل أولئك الذين يأمرون أو يحثون على ارتكاب الاختفاء القسري، وأي شخص يحاول القيام بذلك، والرؤساء المسؤولين الذين - على الرغم من إلمامهم بمعلومات إرشادية أو تجاهلها عن وعي، تقاعسوا عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطتهم لمنع أو معاقبة ارتكاب الاختفاء القسري.
وبالمثل، في حين أن مشروع قانون مناهضة التعذيب يحتوي على أحكام تستبعد التذرع بـ "الأوامر العليا" ، فإن هذا ينطبق فقط عندما تكون هذه الأوامر غير قانونية. وقد يسمح ذلك بتبرير فعل التعذيب على أساس أن الجاني كان ببساطة يتبع "أوامر قانونية".
مخاوف بشأن المحاكم
تعرب منا لحقوق الإنسان عن انشغالاتها الحدية بشأن كفاءة المحاكم العراقية وقدرتها على إقامة عدالة مستقلة ونزيهة بموجب هذه النصوص. ينص مشروع قانون مناهضة التعذيب على أن القضايا ستعرض على محكمة حقوق الإنسان، التي لم تبدأ بعد ولا توفر أي ضمانات لإجراءات تعيين القضاة أو الاستقلال التنظيمي والوظيفي للمحكمة. ينص مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري ببساطة على أن القضايا سترفع من قبل النيابة العامة "أمام المحاكم المختصة" ، دون تحديد المحكمة التي قد يكون لها اختصاص ودون استبعاد صريح للجوء إلى المحاكم العسكرية.
علاوة على ذلك، لا يستبعد المسروعين صراحة تطبيق قانون التقادم. نظرًا لخطورة الجرائم وخطر الانتقام - مما يعني أن بعض الضحايا قد يستغرقون سنوات عديدة لرفع قضاياهم - فإن تطبيق أي قانون للتقادم قد يكون له تأثير ضار على حقوق الضحايا في الانتصاف. بالإضافة إلى ذلك ، ينص كلا القانونين على تدابير غير كافية للجبر.
عقوبات غير كافية
أحد المبادئ الأساسية للعدالة هو تطبيق العقوبات التي تعكس خطورة الجريمة. على الرغم من شدتها ، لا تنص المادة 13 (1) من مشروع قانون مناهضة التعذيب على عقوبة دنيا بالسجن للأفراد الذين ارتكبوا جريمة التعذيب ، باستثناء الحالات التي يؤدي فيها التعذيب إلى الموت. وهذا يمنح المحكمة سلطة تقديرية لفرض أي عقوبة تراها مناسبة، والتي تتعلق بشكل خاص بالنظر إلى عدم استقلال القضاء. بالإضافة إلى ذلك ، لا ينص مشروع قانون مناهضة التعذيب على عقوبات على التواطؤ والمشاركة والمحاولة، رغم أن كل منها يعد جزءًا من جريمة التعذيب.
الحاجة إلى قاعدة بيانات والحق في الوصول إلى المعلومات
أوصت لجنة الاختفاء القسري في عام 2015 بأن ينشئ العراق قاعدة بيانات لتوثيق المعلومات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري. في حين أن مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري ينص على إنشاء قاعدة بيانات ترتبط بالأشخاص المختفين، إلا أن القانون يضل غامضا ولا يحدد المعلومات التي ينبغي تسجيلها. وينص مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري أيضًا على إنشاء قاعدة بيانات تحتوي على أسماء المحتجزين والمدانين، إلا أن ذلك لا يفي بالحد الأدنى من المعلومات الواردة في الاتفاقية الدولية، مثل المعلومات المتعلقة بأماكن تواجدهم، مما يترك المحتجزين والمدانين عرضة لخطر إخفائهم. بالإضافة إلى ذلك ، لا ينص مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري على حق الأقارب ومحاميهم في طلب المعلومات وتلقيها ونقلها ، على الرغم من كونها محمية بموجب الاتفاقية الدولية.
انشغالات بشأن غياب الإرادة والموارد لتنفيذ القوانين بشكل فعال
يعد تعديل مشروعي القانونين ضروريًا، لكنه ليس كافيًا لإحداث التغيير. ولكي توفر القوانين الحماية وسبل الانتصاف للأفراد، يجب القيام بتغييرات حيوية وعميقة. وتوضح منا لحقوق الإنسان أنه بدون إرادة سياسية جادة وتوفير الموارد الضرورية، لن يكون للقوانين، إذا تم سنها ، إلا تأثير محدود. يعد تعزيز إطار حقوق الإنسان في العراق أحد الشروط الضرورية للتصدي للاختفاء القسري والتعذيب التي لا زالت تمارس بشكل منهجي.