06 أبريل 2023
حثّت مجموعة من المنظمات غير الحكومية عراقية ودولية، في بيان مشترك، الحكومة العراقية على اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الظاهرة المتفشية لحالات الاختفاء القسري في البلاد، وذلك وفقاً للأولويات التي حددتها لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري في زيارتها المقدم في 5 أبريل 2023.
مع وجود ما بين 250.000 ومليون شخص مفقود ومختفي في البلاد - وهو أكبر عدد في العالم - يجب أن تكون خطة العمل الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة أولوية استراتيجية. في ظل غياب التغييرات الهيكلية، تخشى المنظمات الموقعة من استمرار انتشار "صورة النظام الذي يحكمه الإفلات من العقاب" والتي ذكرتها اللجنة، مما يجعل المزيد من المواطنين العراقيين عرضة للاختفاء القسري في المستقبل ويخلق مظالم غير قابلة للالتئام، والتي تهدد السلام الهش في البلاد.
تقول المنظمات الموقعة أدناه أنّه "يسعدنا أن نرى أن توصيات لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري تعكس توصيات العديد من المنظمات الموقعة التي تعمل على مكافحة الاختفاء القسري". "وندعو المجتمع الدولي لدعم هذه الجهود".
خلفية الزيارة
في 23 نوفمبر 2010، أصبح العراق الدولة العشرين التي يصادق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ومع ذلك، وبعد أكثر من عقد من الزمان، لم تنجح السلطات في إنهاء هذه الممارسة.
في محاولة لمعالجة هذه المشكلة، طلبت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري إجراء زيارة قطرية إلى العراق في نوفمبر 2015. وفي خطوة إيجابية، قبلت الحكومة العراقية الطلب بعد ست سنوات، وفي نوفمبر 2022 ، قام ثلاثة أعضاء من اللجنة بزيارة البلاد.
في بغداد والأنبار وأربيل والموصل وسنجار، التقى أعضاء لجنة الأمم المتحدة المعنية بالإختفاء القسري بعائلات ضحايا الاختفاء القسري، ومسؤولين في الدولة، ووفود من المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني.
ممارسة عميقة الجذور
تم تحديد ممارسة الاختفاء القسري على أنها "مشكلة ذات أبعاد هائلة". وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن هذه الممارسة مضى عليها عقود. مع صعود نظام البعث إلى السلطة في أواخر الستينيات، تم اختطاف آلاف العراقيين بسبب انتماءاتهم السياسية والعرقية والدينية، سواء الحقيقية أو المتصورة. في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003، اختفى آلاف العراقيين بعد أن أخذوا من قبل القوة المتعددة الجنسيات أو السلطات العراقية أو العديد من الميليشيات النشطة خلال فترة العنف الطائفي بعد الإطاحة بنظام البعث.
ظلت حالات الاختفاء منتشرة بين عامي 2014 و 2017، بعد استيلاء ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على أراض شاسعة، والتي استهدفت الأقليات العرقية والدينية على وجه الخصوص. كما قامت القوات الحكومية والجماعات المسلحة المختلفة، التي ساعدت في تحرير الأراضي العراقية من داعش، بإخفاء المدنيين خلال النزاع وما تلاه.
حدثت الموجة الأخيرة من حالات الاختفاء القسري في سياق الاحتجاجات المؤيدة للإصلاح التي قادها الشباب وخاصة في بغداد وجنوب العراق، والتي اندلعت اعتباراً من أكتوبر 2019 فصاعداً. وأشارت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري إلى الاستخدام المفرط للقوة من قبل عناصر الأمن، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. وأشار تقريرهم أيضاً إلى عمليات الاختطاف والاحتجاز التعسفي للمتظاهرين، الذين اختفى العديد منهم قسراً فيما بعد.
مكافحة الإفلات من العقاب
لم يدرج العراق بعد جريمة الاختفاء القسري في قانونه المحلي كجريمة مستقلة. على الرغم من وجود 30 تشريعاً يتناول هذه القضية، لا يقدم أي منها تعريفاً للاختفاء القسري، وهي جريمة غالباً ما يتم الخلط بينها وبين مفاهيم "الاحتجاز" و "الشخص المفقود" و "الاختطاف".
ووجدت اللجنة أن "الصمت التشريعي بشأن الاختفاء القسري يقترن بغياب إجراءات محددة للبحث عن الأشخاص المختفين والتحقيق المقابل" ، وأضافت أنه "يؤدي إلى اللبس بين المفاهيم، وبالتالي يمنع التحديد الواضح لنطاق الجريمة ومسؤولية الدولة".
طالما أن الاختفاء القسري غير موجودة كجريمة مستقلة، فلا يمكن على هذا النحو معالجتها ومقاضاة من يرتكبها. و لمعالجة هذا القصور، حثت اللجنة الحكومة العراقية على "إنشاء إطار قانوني واحد لمعالجة جميع حالات الاختفاء القسري".
أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تسمح لقاضي التحقيق بإغلاق قضية الاختفاء مؤقتاً إذا كان الجاني مجهولاً. كما وصفوا الإدارة الحالية لـ "التحريات الأمنية" بأنها "عامل آخر للإفلات من العقاب". تظل مثل هذه التحريات ضرورية لتقديم شكوى، أو طلب البحث عن شخص مختف، أو الوصول إلى نطاق أوسع من الحقوق لأفراد عائلات مصنفين على أنهم "شهداء". إذا كان الشخص المختفي مدرجاً في إحدى "قوائم المطلوبين" التي وضعتها السلطات، تفقد العائلة والأقارب جميع الحقوق ولا يمكنهم الوصول إلى أي شكل من أشكال الحقيقة والعدالة.
بالإضافة إلى ذلك، من أجل الحصول على تعويض مالي عن فقدان أحبائهم، يتعين على أفراد العائلة افتراض وفاتهم والحصول على شهادة وفاة، مما يتسبب في ألم لا يوصف وينكر حقهم في معرفة الحقيقة.
وهكذا دعت اللجنة السلطات إلى "وضع حد للممارسات التي تعيق الوصول إلى العدالة وتكرّس الاختفاء القسري، بما في ذلك من خلال تعديل التشريع الذي يشترط حصول الضحايا على حقوقهم في نتائج تحريات أمنية غير موثوقة".
البحث عن المختفين
وأعربت اللجنة عن أسفها لأن الإطار القانوني الوطني العراقي لا يحدد إجراءات محددة للبحث عن الأشخاص المختفين والتحقيق في حالات الاختفاء القسري المزعومة.
أشارت اللجنة إلى أن 17 مؤسسة أو سلطة حكومية لديها مسؤوليات تتعلق بحالات الاختفاء، ووجدت أن تعدد المؤسسات وعدم تعاونها وتنسيقها يتسبب في مستوى عالٍ من الارتباك والإرهاق للضحايا، ودعت السلطات إلى "توضيح الإطار المؤسسي المسؤول عن حالات الاختفاء في العراق". وفي الوقت نفسه، فإن الافتقار إلى التنسيق بين المؤسسات والتعاون بين الأجهزة "له تأثير سلبي على نتائج عمليات البحث والتحقيقات، وكذلك على حالة المعرفة بشأن حالات الاختفاء والجهود المبذولة لمعالجتها ومنعها".
كمؤسسة يمكنها تلقي شكاوى الاختفاء القسري، يمكن للمفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان أن تطلب من السلطات المختصة التحقق من سجلات الأشخاص المحرومين من حريتهم وإحالة القضايا إلى مكتب المدعي العام لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك إحالة الشكوى إلى المحاكم. ومع ذلك، لم يتلق وفد لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري أي بيانات رسمية بشأن نسبة القضايا المحالة إلى المحاكم، ونتائج هذه الإحالات.
كما أعربت اللجنة عن أسفها لعدم وجود بيانات موثوقة عن عدد حالات الاختفاء القسري المزعومة في العراق، مما دفع خبراء الأمم المتحدة إلى التوصية بإنشاء سجل موحد وموثوق به على الصعيد الوطني لحالات الاختفاء يكون في متناول جميع الأشخاص ذوي المصلحة المشروعة.
ووجد التقرير كذلك أن "تعقيد الإطار القانوني والمؤسسي الحالي المتعلق بحالات الاختفاء له تأثير مباشر على قدرة الدولة الطرف على إنشاء نظام يتسم بالكفاءة والفعالية لتسجيل حالات الاختفاء".
ومن ثم، تعتبر اللجنة أن من أولويات السلطات العراقية توضيح الإطار المؤسسي المسؤول عن حالات الاختفاء في العراق وإضفاء طابع ملموس على مشروعها الجاري لإنشاء "نظام فريد من نوعه للأشخاص المختفين على الصعيد الوطني".
تعزيز الضمانات الإجرائية وإنهاء الاعتقال السري
عندما زار أعضاء الوفد مراكز الاحتجاز، أخبرهم النزلاء على أنهم يستطيعون إبلاغ أقاربهم بمكان وجودهم. ومع ذلك، يذكر التقرير أن شهوداً آخرين زعموا أنهم احتُجزوا ثم أطلق سراحهم بعد أن أمضوا سنوات في الاعتقال السري.
وبينما تنفي السلطات العراقية وجود مثل هذه الممارسات، يشير التقرير إلى وجود مراكز اعتقال سرية، وكذلك حالات ترقى إلى الاعتقال السري في أماكن الاعتقال المعروفة مثل مطار المثنى بغداد الدولي وسجن الحوت في الناصرية.
تعتقد المنظمات الموقعة أن إحدى أكثر الطرق فعالية لمنع الاختفاء القسري هي ضمان وصول جميع الأشخاص المحتجزين بشكل مناسب إلى الضمانات القانونية والإجرائية منذ اللحظات الأولى للاحتجاز لدى الشرطة.
وتحقيقاً لهذه الغاية، أوصت اللجنة بألا يُنفذ الحرمان من الحرية إلا من قبل موظفين مأذون لهم بموجب القانون، وبأن يُحتجز الأشخاص المسلوبة حريتهم فقط في أماكن معترف بها رسمياً وخاضعة للإشراف. يجب أن يتمكنوا من الاتصال بمحام منذ بداية حرمانهم من حريتهم، ويجب أن يكونوا قادرين على الاتصال بأقاربهم وزيارتهم دون تأخير.
الخطوات التالية
وقالت مجموعة المنظمات أنّه على "السلطات العراقية تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير زيارة اللجنة بشكل فعال، وبحسن نية من خلال اعتماد استراتيجية لمنع الاختفاء القسري والقضاء عليه، وتوفير إجراءات مناسبة للبحث عن الحقيقة والمساءلة والتعويض في حالات الاختفاء القسري". عند القيام بذلك، على السلطات العراقية أيضاً إعطاء دور كامل وهادف للضحايا والناجين وأفراد العائلة ومنظمات المجتمع المدني".
الموقعون:
إمبيونتي واتش، منّا لحقوق الإنسان، مؤسسة سما الابتكار للتنمية المستدامة، منظمة نساء نينوى لشؤون المراة، منظمة اواصر انسانية لحقوق الانسان والديمقراطية، جمعية المواطنة لحقوق الانسان، جمعية السياب لحقوق الانسان، منظمة سايا لحقوق الانسان و الديمقراطية، منظمة ستيب للديمقراطية والانتخابات، مؤسسة سقيا للاغاثة والتنمية، شبكة فعل المدنية العراقية، منظمة تشرين لحقوق الانسان، مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة NFTI، منظمة اوسا لتنمية البشرية، مؤسسة السعفة لتعزيز الديمقراطية، مؤسسة الحق لحقوق الانسان، مؤسسة تماسك لتعزيز للديمقراطية و الشقافية، مؤسسة بناء للتدريب والتطوير، تدارك لحقوق الانسان و الديمقراطية، منتدى المحبة والسلام للطلبة والشباب، مؤسسة تماسك لتعزيز الديمقراطية و الشفافية، تدارك لحقوق الانسان والديموقراطية، منظمة أبكالو للتنمية المستدامة، منظمة انامل الخير الانسانيه، منظمة، الخير الانسانية، مركز حقوق المرأة الإنسانية، شبكة عين لمراقبة الانتخابات والديمقراطية، الحوار المتمدن للتنمية، اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي، مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، مؤسسة النخبـة للإغاثـة وحقـوق الانسـان، منظمة المنقذ لحقوق الإنسان، منظمة الرواد للشباب والتنمية، منظمه كرم الأنبار الانسانيه، منظمة الرواد للشباب والتنمية، منظمة دليل للوعي الديمقراطي، مؤسسة أليس لحقوق المرأة والطفل، منظمة طوى لحقوق الانسان والتنمية المستدامة، مركز الراصد لحقوق الانسان، منظمة نور الحكمة الإنسانية للإغاثة، منظمة الارادة للاغاثة والتنمية، مؤسسة حلم الغد للإغاثة والتنمية المستدامة، مركز المعلومة للبحث والتطوير، منظمة بناة الوطن للتنمية، مؤسسة شبابيون للتنمية، الفيديرالية الاورو متوسطية ضد الاختفاء القسري، مؤسسة شبابيون للتنمية، الجمعية الحرة للكورد الفيليين العراقية، منظمة إشراقات للتنمية، العطاء لحقوق الانسان، الجمعية الحرة للكورد الفيليين العراقية، مؤسسة شبابيون للتنمية، مؤسسة شبابيون للتنمية، منظمة شبابيون للتنمية، جمعية الغيدق للتنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية، سما للدعم النفسي والاجتماعي حقوق الانسان، مؤسسه شبابيون للتنمية، منظمة السعي للديمقراطية وحقوق الانسان، حراك إنتفضي النسوي العراقي، مؤسسة الارادة لطلبة وشباب العراق، الرابطة الانسانية لرعاية الشباب، جمعية خير النساء للاغاثة والتنمية، جمعية الامل العراقية، منظمة السعي للديمقراطية وحقوق الانسان، رابطة المرأة العراقية، اطباء السلام،مؤسسة الشواهق لحقوق الإنسان والتنمية، المرصد العراقي لحقوق الانسان، منظمة صناع السلام للصحة العامة، المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق، اواصر انسانية لحقوق الانسان، المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، منظمة شباب الجنوب
* يمكنك إعادة مشاهدة الندوة من هنا.