21 نوفمبر 2018
تعرب منّا لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء تبني الأردن المرتقب للتعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية، والتي تقول السلطات أنها تهدف من بين أمور أخرى إلى مكافحة خطاب الكراهية، لكنها في الواقع تفرض مزيدا من القيود على حرية التعبير على الإنترنت في البلاد.
ومن المتوقع التصويت في أي لحظة على التعديلات التي اقترحتها وزارة العدل، وأحيلت إلى اللجنة القانونية البرلمانية للمناقشة في سبتمبر 2018.
تُعرِّف التعديلات المقترحة "جريمة خطاب الكراهية بطريقة مبهمة وفضفاضة"، وتنص على عقوبات قاسية تتراوح بين الغرامات والسجن لكل من يستعمل الإنترنت لنشر أو إعادة نشر ما يعتبر كلامًا يحض على الكراهية. وبالتالي فإن التعديلات المقترحة تفرض مزيدا من القيود على تشريع قمعي أصلا، وتعزز بيئة الرقابة الذاتية على مستخدمي الإنترنت.
خاطبت منّا لحقوق الإنسان، في 15 نوفمبر 2018، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير معربة عن قلقها بشأن هذه القيود الإضافية وقدمت له ملاحظاتها على هذا القانون والتعديلات المقترحة، ودعته إلى مطالبة السلطات الأردنية بمراجعة قانون الجرائم الإلكترونية، وعلى الخصوص تعديل التعريف المقترح لخطاب الكراهية.
تشريعات الأردن وتجريم حرية التعبير
قانون الجرائم الإلكترونية الحالي، الذي حل محل قانون جرائم أنظمة المعلومات لسنة 2010 في 2015، يضع بالفعل قيودًا غير مبررة على حرية التعبير بالإضافة إلى حرية الصحافة. كما أن قانـون المطبوعـات والنـشر لعام 1988 الذي ينظم النشاط الإعلامي لا يفرض عقوبات سجنية على الصحفيين ، إلا أن الديوان الخاص بتفسير القوانين قرر أن قانون الجرائم الإلكترونية سيحل محل التشريعات الأخرى.
ونتيجة لذلك ، يمكن سجن الصحفيين بسبب مقالاتهم المطبوعة إن هي نشرت على الإنترنت، إذ ينص قانون الجرائم الإلكترونية على أنه يمكن سجن وتغريم مستعملي الإنترنت إذا ثبتت إدانتهم بتهمة التشهير على وسائل الإعلام الاجتماعية أو وسائل الإعلام عبر الإنترنت. و كان حسام العبداللات، مسؤول حكومي سابق وصحفي وناشط في مجال مكافحة الفساد، قد اعتُقل سنة 2017 بسبب انتقاده على فيسبوك للفساد داخل الحكومة الأردنية وأدين على أساس قانون الجرائم الإلكترونية في نسخته الحالية .
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن قانون العقوبات أحكاما تنطبق على التعبير عبر الإنترنت، مثل إهانة دولة أجنبية أو أعضاء العائلة المالكة الأردنية نظام الحكم السياسي".
وقد أشارت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خلال آخر مراجعة لها للأردن في أكتوبر 2017، إلى أن قانون العقوبات الأردني يتضمن أحكامًا تُستخدم لمقاضاة الصحفيين الذي يقدمون وجهات نظر تنتقد السلطات.
تعديلات 2018
يشكل التعديل المقترح بشأن تعريف خطاب الكراهية مصدر قلق كبير بالنسبة لـمنّا لحقوق الإنسان لأنه مبهم وغير دقيق ويفتقر للوضوح.
تعرّف التعديلات خطاب الكراهية بـ "كل قول أو فعل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الاقليمية أو التمييز بين الافراد أو الجماعات". وهذا التعريف لا يتوافق مع المعايير الدولية المتعلقة بالقيود المفروضة على حرية التعبير. إذ
تنص المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه "تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف".
يتضمن تعريف خطاب الكراهية في التعديلات المقترحة "كل قول أو فعل"، ولم يضيق هذا التعريف على نطاق خطاب الكراهية فقط. وعلاوة على ذلك ، فإن العلاقة السببية بين التعبير وما يترتب عنه من خطر التمييز أو العداء أو العنف غير واضح في التعريف. كما أن مفهوم الفتنة المستوحى من الدين واسع النطاق، ويمنح صلاحيات تقديرية كبيرة للقضاة.
ومن بواعث القلق الأخرى أن التعديلات لم تحدد إذا كان الأمر يتعلق بمحادثات شخصية عبر منصات خاصة أو عامة، بالإضافة إلى خطر تعرض مستخدمي الإنترنت للسجن بسبب مشاركة آخرين للمحتوى المزعوم أنه يتضمن خطاب الكراهية. وفيما يتعلق بهذا الأخير، فإن التعديلات ستجرّم إعادة نشر أو مشاركة المحتوى المُجَرَّم حتى وإن كان الذي قام بذلك لا يتفق مع خطاب الكراهية المزعوم.