تُعرف نقطة تفتيش الرزازة في محافظة الأنبار في العراق لدى العائلات والناشطين الحقوقيين في المنطقة بأنها "معبر الموت". خلال القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، اعتقلت كتائب حزب الله وأخفت مئات الأشخاص الذين عبروا المكان أثناء فرارهم بحثا عن مناطق أكثر أمانًا.
قامت منا لحقوق الإنسان وجمعية الوسام الإنسانية بتوثيق 192 حالة اختفاء لأشخاص نازحين داخلياً تم اعتقالهم عند نقطة التفتيش في 26 أكتوبر 2014 أثناء فرارهم من عنف المعارك في جرف الصخر. وإلى اليوم لازال جميع الأفراد الـ 192، بعضهم كان قاصرا حينئدـ، في عداد المختفين.
لايمكن اعتبار هذه الواقعة حادثا معزولا ، لأن العدد الإجمالي للأفراد الذين اختفوا عند نقطة التفتيش هذه أعلى من ذلك بكثير، إذ تشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 1200 مدني اختفوا هناك في سنة واحدة فقط.
في 18 أبريل 2019 ، قدمت منا لحقوق الإنسان وجمعية الوسام الإنسانية حالات الأشخاص الـ 192 إلى اللجنة المعنية بالاختفاء القسري بالأمم المتحدة المعنية وطالبتاها بالتدخل العاجل لدى السلطات العراقية ودعوتها إلى الإفراج الفوري عنهم.
اختفاء 192 شخصا من النازحين داخليا عند حاجز الرزازة منذ عام 2014
أدى القتال المستمر ضد داعش إلى فرار العديد من العائلات في 26 أكتوبر 2014 من جرف الصخر في محافظة بابل، الواقعة على بعد حوالي 50 كم جنوب بغداد، بحثا عن مناطق أكثر آمنة.
وينتمي الهاربون من مناطق القتال إلى قبائل الشهبان والمزارية التي تعد أكبر القبائل في جرف الصخر، إضافة إلى قبائل أصغر أخرى منها الجعفري ، الحمد ، دهيمش ، السبعة ، الجنابي ، ألبو حيا والعثمان.
ولكي يتمكن النازحون من مغادرة جرف الصخر، طُلب منهم المرور من حاجز الرزازة، نقطة العبور الرئيسية بين محافظتي الأنبار وكربلاء. ويقع الحاجز بالقرب من العامرية ــ الفلوجة بمحافظة الأنبار.
خلال الحرب ضد داعش، أصبحت نقطة تفتيش الرزازة هي المعبر الوحيد المتاح للفارين من مناطق هيت والرطبة والقائم والرمادي إلى معسكرات النازحين في الحبانية، وكذلك إلى المدن الواقعة على الفرات وفي جنوب البلاد.
في جميع الحالات الـ 192 التي وثقتها منا لحقوق الإنسان وجمعية الوسام الإنسانية، ألقت قوات كتائب حزب الله القبض على الأفراد أثناء عبورهم نقطة التفتيش، ثم اقتادتهم قسراً إلى وجهة مجهولة.
كتائب حزب الله هي جزء من وحدات الحشد الشعبي ـــ وهو تنظيم مؤلف من عدة ميليشيات شاركت إلى جانب القوات المسلحة العراقية في القتال ضد داعش. في 19 ديسمبر 2016 ، تم دمج وحدات الحشد الشعبي في الجيش العراقي، وفي 8 مارس 2018 صدر مرسوم لرئيس الوزراء يضم رسميًا الحشد الشعبي إلى قوات الأمن في البلاد.
عقب اختفاء 192 شخصًا في 26 أكتوبر 2014، قدم رئيس قبيلة الشهبان، الذي كان ينسق حركة الأفراد الفارين من جرف الصخر، شكوى نيابة عن أسر المفقودين إلى مجلس محافظة الأنبار ، ولكن دون جدوى.
الاختفاء القسري في العراق
يتصدر العراق عالميا قائمة الدول التي ينتشر فيها الاختفاء القسري ـــ تعود هذه الممارسة إلى أواخر الستينيات، و بلغت ذروتها أثناء الغزو الأمريكي عام 2003 وخلال مكافحة داعش – وتشير التقديرات إلى أن ما بين 250.000 ومليون شخص اختفوا حلال العقود الأخيرة.
تظل مسألة الاختفاء القسري واسعة الانتشار في العراق، لا سيما في سياق عمليات مكافحة الإرهاب. بين عامي 2014 و 2017 ، تورطت القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي في اختفاء الآلاف من الأفراد الذين يُعتقد أنهم من السنة والذين عاشوا أو كان أصلهم من مناطق كانت خاضعة لسيطرة داعش.
منذ عام 2014 ، قامت جمعية الوسام الإنسانية، بالتعاون مع منظمات غير حكومية دولية، ضمنهم منا لحقوق الإنسان، بتقديم أكثر من 340 حالة اختفاء قسري إلى اللجنة المعنية بالاختفاء القسري بموجب إجراءاتها العاجلة.
وعلى الرغم من التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري سنة 2010، لم يتخذ العراق أي خطوة للتنفيذ الفعال لأحكام الاتفاقية أو للكشف عن مصير وأماكن تواجد الآلاف من الأشخاص المفقودين في البلاد .