لجنة الأمم المتحدة تستعرض حالة حقوق الإنسان في موريتانيا

05 أغسطس 2019

أثارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خلال استعراضها لموريتانيا مجموعة من قضايا تشمل الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في الثمانينيات والتسعينيات، والقصور في التشريعات المحلية لمناهضة للتعذيب وانتهاكات الحقوق والحريات الأساسية

تحديث هام: في 25 يوليو 2019 ، نشرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ملاحظاتها الختامية بعد مراجعة التقرير الدوري الثاني لموريتانيا. وتوجد أمام السلطات مهلة تمتد لغاية يوليو 2021 لتقديم معلومات بشأن تنفيذها للتوصيات الرئيسية، وتحديدا المتعلقة بمكافحة الإفلات من العقاب وانتهاكات حقوق الإنسان السابقة، والممارسات الضارة ضد النساء، وعدم احترام حرية التعبير وغياب حماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

في الفترة من 4 إلى 5 يوليو 2019 ، فحصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التقرير الدوري الثاني لحكومة موريتانيا لتقييم وضع حقوق الإنسان في البلاد. ترصد اللجنة مدى التزام الدول بتنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه موريتانيا في عام 2004.

قدمت منا لحقوق الإنسان قبيل الاستعراض تقريرا موازيا، تطرح فيه بواعث قلقها وركزت أساسا على: الإفلات من العقاب على الانتهاكات المرتكبة ضد الجنود الموريتانيين من أصول إفريقية والتي يطلق عليها "الإرث الإنساني"، والاستثناءات من قانون مناهضة التعذيب، والقيود غير المبررة على الحقوق والحريات الأساسية

يقصد عمومًا بـ "الإرث الإنساني" تعرض مئات الضباط الموريتانيين المنحدرين من أصل إفريقي في الثمانينيات والتسعينيات للإعدام بإجراءات موجزة مسبوقة بالتعذيب والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. خلال الاستعراض، طلب أعضاء اللجنة من الوفد الموريتاني تعديل أو إلغاء القانون رقم 93-23 ، الذي يمنح العفو لأفراد قوات الأمن عن الجرائم المرتكبة خلال أداء واجبهم بين عامي 1989 و 1992. وأعرب العديد من الضحايا و أعضاء المجتمع المدني الذين حضروا عملية الاستعراض عن أسفهم لغياب الإرادة السياسية التي عبر عنها الوفد لضمان المساءلة عن هذه الجرائم.

بالإضافة إلى ذلك، رددت اللجنة الأممية مخاوف منا لحقوق الإنسان بشأن عدم التزام موريتانيا بالمعايير الدولية بشأن منع التعذيب. اعتمدت موريتانيا قانونًا لمناهضة التعذيب في عام 2015، ومع ذلك، غالبًا ما يتم تجاهل أحكام القانون في الممارسة. فعلى سبيل المثال، يضمن القانون الحق في الوصول إلى محام منذ بداية الاحتجاز ، لكن اللجنة لاحظت أن هذا الالتزام غالباً ما يتم تجاهله، لا سيما في المناطق الفقيرة من البلاد.

كما أبرز خبراء الأمم المتحدة التناقضات بين القانون العادي وقانون مكافحة الإرهاب لعام 2010. فبينما ينص قانون الإجراءات الجنائية على أن مدة الاحتجاز لدى الشرطة قد تصل إلى 96 ساعة، يمكن تمديد هذه الفترة في القضايا المتعلقة بالإرهاب لمدة تصل إلى 45 يوم عمل، دون السماح للمحتجزين بمقابلة محام أو المثول أمام القاضي.

علاوة على ذلك، أثارت اللجنة مخاوفها بشأن انتهاك الحريات الأساسية الشائعة في موريتانيا، بما في ذلك الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.

أكدت الدولة الطرف خلال االاستعراض أن الجرائم الصحفية لم تعد تُعاقب، لكن منا لحقوق الإنسان أوضحت في تقريرها أن السلطات تواصل الاعتماد على قانون العقوبات لمقاضاة الصحفيين والناشطين الذين ينتقدون الحكومة.

كما أثار العديد من أعضاء اللجنة مخاوفهم بشأن تعديلات 2018 على المادة 306 من القانون الجنائي، والتي تجعل عقوبة الإعدام إلزامية بشأن التحول عن الدين الإسلامي، أو ما يعرف بـ"الردة". أضيف هذا الحكم إثر قضية محمد الشيخ ولد مخيطر، المدون الذي انتقد استخدام الدين لإضفاء الشرعية على التمييز ضد الأقليات في موريتانيا.

أدين ولد مخيطر بالردة وحُكم عليه بالإعدام في ديسمبر 2014، قبل أن تخفض المحكمة عقوبته إلى السجن لمدة عامين في عام 2017. وعلى الرغم من أنه كان ينبغي إطلاق سراحه على الفور، إلا أنه ظل محتجزًا بمعزل عن العالم الخارجي حتى الآن. ورداً على العديد من الأسئلة حول مصيره ومكان وجوده، ادعى الوفد الموريتاني أن ولد امخيطر محتُجز إدارياً حفاظا على سلامته وسلامة عموم السكان، وحماية من الاضطراب العام.

بالإضافة إلى ذلك ، نبهت اللجنة حقيقة إلى أن الإطار القانوني الذي يحكم الجمعيات لا يتماشى مع المعايير الدولية. يتطلب قانون الجمعيات لعام 1964 الحصول على إذن مسبق من السلطة التنفيذية لتشكيل جمعية، ويمكن رفض الطلبات لأسباب غامضة مثل " تقوم بدعاية معادية للوطن " أو "تمارس تأثيرا مفزعا على نفوس المواطنين".

وأثارت اللجنة العقبات التي تواجه مبادرة إحياء حركة إلغاء الرق في موريتانيا (إيرا) ، وهي جمعية مناهضة للعبودية، للحصول على وضع قانوني. ردت الدولة الطرف على الأسئلة بالقول إن إيرا تنشر "دعاية ذات طابع عرقي أو إثني" - مما يؤكد بالتالي التعسف في رفض التسجيل بالنسبة للجمعيات التي تعتبر منتقدة للدولة.

وبالمثل ، فإن الحق في التجمع السلمي مقيد بموجب قانون الاجتماعات العامة لعام 1973، الذي يحظر التجمعات في الشوارع ، والقانون الجنائي، الذي يجرم "التجمعات غير المسلحة". يتم تفريق المظاهرات غير المصرح بها بانتظام باستخدام غير متناسب للقوة على أساس حظر "التجمعات غير المسلحة".

ومن المرتقب أن تقدم اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عند نهاية دورتها 126 قائمة بالتوصيات إلى موريتانيا لتحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد. ونظرا للتقدم البطيء الذي تحقق منذ الاستعراض الأولي للبلاد في عام 2013 ، يتوجب على السلطات الموريتانية اغتنام هذه الفرصة لتسريع تنفيذها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتصحيح أوجه القصور الكثيرة التي أثارتها اللجنة الأممية والمجتمع المدني.

آخر الأخبار