05 أكتوبر 2023
في 8 مايو 2023، خضعت دولة الإمارات العربية المتحدة للدورة الرابعة من الإستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان.
وفي 3 أكتوبر 2023، خلال الدورة الرابعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، أبلغت الإمارات المجلس بقرارها قبول 198 توصية من أصل 323 توصية تلقتها. وقبلت الإمارات معظم التوصيات المتعلقة بحماية حقوق المرأة والعمال المهاجرين وحقوق الطفل والمساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز وتعزيز الإطار المؤسسي والتشريعي والسياساتي فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان بشكل عام.
ومع ذلك، فإن معظم التوصيات المتعلقة بالتصديق على الاتفاقيات الدولية، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، قد تم فقط "الأخذ علماً بها" بكل بساطة. لا يزال سجل حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن هذه القضايا مقلقاً للغاية، ولا يزال 61 شخصاً محتجزين تعسفياً في السجون الإماراتية بسبب أفعال تتعلق بممارسة حقوقهم المدنية والسياسية. إن الفضاء المدني غير موجود فعلياً في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تم سجن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين. علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه خلال الاستعراض الدوري الشامل، نفى وفد الإمارات العربية المتحدة مزاعم التعذيب.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات
رغم أن الإمارات العربية المتحدة تلقت توصيات من أكثر من 20 دولة للتصديق أو النظر في التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينص، من بين أمور أخرى، على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، إلا أنها لم تقبل أياً منها. وفي موقف مماثل، لم تقبل أي توصية بمراجعة تشريعاتها المحلية ومواءمتها مع الحق في حرية التعبير.
على الرغم من أن حرية التعبير محمية بموجب المادة 33 من الدستور الإماراتي، إلا أن هذه الحقوق تظل مقيدة بشدة بموجب تشريعات أخرى مثل قانون مكافحة الإرهاب، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون العقوبات. وقد أثيرت هذه القيود في الواقع من خلال التوصيات التي قدمتها دول متعددة مثل فنلندا أو هولندا أو الولايات المتحدة.
في الواقع، فإن التعريف الحالي للإرهاب يسمح للسلطات باعتبار أي عمل من أعمال النقد العلني عملاً إرهابياً. وبالمثل، يواصل قانون الجرائم الإلكترونية تجريم التشهير والأفعال الغامضة مثل "إهانة الحاكم" أو "الإضرار بالوحدة الوطنية" أو "سمعة الدولة". وأخيراً، ينص قانون العقوبات على عدة مواد مثيرة للقلق مثل تجريم تداول "أفكار من شأنها تهديد أمن الدولة"، أو أفعال مثل "إهانة الحاكم أو هيبة الدولة أو أحد رموزها وشعاراتها".
ولذلك لا تزال السلطات قادرة على الاعتماد على عدد من الأحكام الفضفاضة والغامضة للغاية التي يمكن تفسيرها بشكل تعسفي، لملاحقة أي أعمال تتعلق بحرية التعبير. إن مجرد أن تأخد العلم دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه التوصيات المهمة أمر مقلق للغاية في ضوء سجلها السيئ في مجال حرية التعبير والتجمع السلمي.
حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
قبلت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من التوصيات لضمان حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي وضمان بيئة آمنة لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان. وفي حين أننا نرحب بقبول مثل هذه التوصيات، إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أنه حتى يومنا هذا، لا يزال الفضاء المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة غير موجود.
ويوجد حالياً 61 شخصاً محتجزين في السجون بسبب أفعال تتعلق بحقهم في حرية التعبير (وفقاً لمركز مناصرة معتقلي الإمارات، 56 سجيناً من محاكمة الإمارات94، و3 سجناء على صلة بحركة الإصلاح، وقضيتان هما مدافعتان عن حقوق الإنسان أمينة العبدلي ومريم البلوشي). وهذا هو الحال على وجه الخصوص بالنسبة لأولئك الذين حوكموا في المحاكمة الجماعية لمجموعة "الإمارات94" والذين أُدينوا في عام 2013 بسبب التعبير عن انتقادات سلمية ضد الحكومة وما زالوا محتجزين في السجن، مثل أحمد منصور أو ناصر بن غيث أو محمد الركن.
في عام 2013، أصدر الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي الرأي رقم 60/2013، الذي وجد فيه أن احتجاز 61 شخصاً أدينوا في محاكمة "الإمارات94" كان تعسفياً. وعلى الرغم من ذلك، فمن المثير للقلق للغاية أن نرى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أخذت علماً ببساطة بتوصية مهمة من بلجيكا بشأن "الإفراج غير المشروط من السجن عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي والأشخاص المسجونين فقط بسبب معتقداتهم السياسية أو ممارسة حقوقهم في حرية التعبير أو تكوين الجمعيات".
العديد من هؤلاء الأفراد محتجزون حالياً بعد انتهاء فترة عقوبة السجن على أساس نظام المناصحة، المنصوص عليه في قانون مكافحة الإرهاب. في مارس 2023، اعتمد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي رأياً بشأن 12 سجيناً في قضية "الإمارات 94" المحتجزين بموجب نظام المناصحة، واعترف بأن احتجازهم هو تعسفي لأنهم محتجزون "بسبب وضعهم كمدافعين عن حقوق الإنسان". وكانت هولندا قد أصدرت توصية قوية بالإفراج عن جميع السجناء المحتجزين بموجب هذا النظام، ولكن للأسف السلطات الإماراتية أخذت علماً بهذه التوصية فقط.
ويجب على الإمارات أيضاً الامتناع عن استهداف النشطاء السياسيين الذين يعبرون عن انتقادات لسياسات الإمارات وحكومتها، خاصة في سياق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، كما ذكرت كوستاريكا وأخذت علماً بها ببساطة الإمارات العربية المتحدة. وبينما تستعد الإمارات لاستضافة أهم مؤتمر دولي للمناخ، يجب عليها ضمان وجود مساحة مدنية آمنة حيث يمكن للجهات الفاعلة في المجتمع المدني محاسبة حكوماتها على سياساتها السيئة والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة.
والأهم من ذلك، أن كوستاريكا كانت الدولة الوحيدة التي أثارت استخدام الإمارات للمراقبة السيبرانية مع توصية بوقف جميع عمليات المراقبة وفرض حظر على استخدام تكنولوجيا برامج التجسس. ومع ذلك، فمن المثير للقلق للغاية أن نرى أن توصيتها قد تم أخذ العلم بها ببساطة على الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة استخدمت برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس للتجسس على العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين.
التعذيب وسوء المعاملة
لم تصدق دولة الإمارات العربية المتحدة بعد على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وفي مايو 2023، أوصت 11 دولة الإمارات بالتصديق على هذه الاتفاقية. ولم يتم قبول أي من هذه التوصيات، ونفى الوفد الإماراتي بشكل كامل مزاعم التعذيب التي تحدث داخل بلاده. تجدر الإشارة إلى أن هذا يتناقض بوضوح مع النتائج التي توصلت إليها الملاحظات الختامية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الصادرة في يوليو 2022. ولا يزال يتم استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب بشكل روتيني في المحكمة كدليل وحيد لإدانة المعارضين السلميين على أساس قانون مكافحة الإرهاب.
وكانت التوصيات الوحيدة المتعلقة بالتعذيب والتي قبلتها دولة الإمارات العربية المتحدة تتعلق بوضع تعريف للتعذيب في القانون المحلي وفقاً لتعريف اتفاقية مناهضة التعذيب.
استقلال القضاء والمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة
لقد تم تقويض استقلال القضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً بالنظر إلى حقيقة أن معظم القضاة يتم تعيينهم من قبل السلطة التنفيذية. كما لعبت دوراً مهماً في تمكين انتهاكات جهاز أمن الدولة، مثل ممارسات الاعتقال التعسفي والسري والتعذيب. في الواقع، كان جهاز أمن الدولة في الإمارات العربية المتحدة منذ فترة طويلة أداة لقمع الأصوات المعارضة السلمية، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان الذين كانوا جزءاً من مجموعة الإمارات94.
وفي هذا الصدد، أوصت نيوزيلندا بضمان احترام المعايير الدولية والقانونية للمحاكمة العادلة في الإمارات العربية المتحدة، وتنفيذ الضمانات الإجرائية، ورفض الأدلة المنتزعة تحت التعذيب. وأوصت أيضاً نيوزيلندا بضمان استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية. وبما أنه تم قبول كلتا التوصيتين، فإننا ندعو السلطات الإماراتية إلى تنفيذها على سبيل الأولوية، أي من خلال إطلاق سراح السجناء الذين أدينوا على أساس اعترافات تحت التعذيب.