بيان مشترك إلى السلطات اللبنانية: يجب تطبيق قانون معاقبة التعذيب في لبنان

25 يونيو 2022

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، نحن المنظمات الموقعة أدناه، ندعو السلطات اللبنانية إلى تأمين حماية فعالة لكل فرد على أراضيها بمن فيهم المحتجزين، وذلك من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. على السلطات التحقيق في جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، ويجب مقاضاة مرتكبي هذه الأفعال وتقديمهم للمحاكمة، وفي حالة إدانتهم الحكم عليهم بعقوبات مناسبة.

صادق لبنان في عام 2000 على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (يشار إليها فيما يلي باتفاقية الأمم المتحدة  لمناهضة التعذيب)، وبروتوكولها الاختياري في عام 2008. في 19 أيلول/سبتمبر 2017 ،. أقر مجلس النواب اللبناني القانون رقم 65/2017 الذي يجرم التعذيب (يشار إليه فيما يلي بقانون معاقبة التعذيب)، وفي تموز/يوليو 2019 ، عينت الحكومة الأعضاء الخمسة في اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب. في 2020 ، عدل البرلمان المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية للسماح بشكل صريح للمحامين بالتواجد مع المحتجزين أثناء استجوابهم الأولي لدى الأجهزة الأمنية.

بينما عزز لبنان نظرياً تدابير الحماية ضد التعذيب، يظل التعذيب سائداً في الممارسة العملية. نادراً ما تصل الشكاوى إلى المحكمة، وتُغلق معظم القضايا دون تحقيق فعال.

قانون معاقبة التعذيب نفسه لا يفي بالتزامات لبنان بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. ينص القانون على مرور الزمن على جريمة التعذيب من 3 إلى 10 سنوات وتبدأ المهلة عند خروج الضحية من السجن أو الإعتقال أو التوقيف المؤقت، بما يتعارض مع المعايير الدولية التي تنص على أنه لا ينبغي أن يكون هناك مرور زمن على جريمة التعذيب. بالإضافة إلى ذلك، فإن مواد القانون لا تعكس بشكل كافٍ الطبيعة الخطيرة لجريمة التعذيب. ولا يجرم القانون المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المحظورة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. ولا يحظر صراحة إحالة شكاوى التعذيب إلى المحاكم العسكرية، والتي وجدت منظمات حقوق الإنسان أنها لا تحترم الحق في محاكمة عادلة وتفتقر إلى الاستقلالية.

لم يتم بعد تخصيص ميزانية للآلية الوقائية الوطنية حتى تتمكن من بدء عملها، والمكلفة بمراقبة تنفيذ قانون معاقبة التعذيب والتي لديها سلطة القيام بزيارات منتظمة ومفاجئة إلى جميع أماكن الاحتجاز، .

بالإضافة إلى ذلك، وثّقت منظمات حقوقية في لبنان تقاعساً متكرراً للأجهزة الأمنية والقضاء عن إنفاذ قانون معاقبة التعذيب ومواد قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تهدف إلى حماية حقوق المحتجزين.

على سبيل المثال، تقاعست السلطات القضائية اللبنانية عن التحقيق بشكل كافٍ في مزاعم التعذيب الجسيمة التي أدلى بها حسان الضيقة قبل وفاته في الحجز في 11 أيار/ مايو 2019 ، وانتهكت أحكام قانون معاقبة التعذيب بتكليف نفس الجهاز الأمني بالتحقيق في إدعاءاته والذي اتهمه بتعذيبه. وبالمثل، لم تتخذ السلطات القضائية حتى الآن أي إجراء جاد للتحقيق في المزاعم الموثوقة للتعذيب والاختفاء القسري التي قدمها الممثل زياد عيتاني - المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل ولكن أسقطت التهم ضده لاحقاً - ضد عناصر من أمن الدولة.

في كانون الأول/ديسمبر 2019، وبعد تقديم 17 متظاهراً من تظاهرات 17 تشرين الأول شكاوى تعذيب، أحال النائب العام التمييزي الشكاوى إلى النيابة العامة العسكرية، وهي هيئة قضائية استثنائية غير محايدة. لم تجرِ النيابة العسكرية تحقيقات في الشكاوى، بل أحالتها للتحقيق إلى الأجهزة الأمنية المشتبه بارتكابهم أعمال تعذيب في انتهاك واضح لقانون معاقبة التعذيب. ولدى رفض المدعين الإدلاء بشهاداتهم للأجهزة الأمنية، قررت النيابة العامة العسكرية إغلاق التحقيقات دون اتخاذ أي إجراء آخر، في انتهاك واضح لوجوب التحقيق في شكاوى التعذيب والمنصوص عليها في المادة 12 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما انتهكت الأجهزة الأمنية المادة 47 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، وحرمت المحتجزين من حق حضور محام أثناء استجوابهم، وفي بعض الحالات عرضت هؤلاء المحتجزين للعنف الجسدي.

وبدلاً من التحقيق بجدية في مزاعم التعذيب ومحاسبة المسؤولين، عرّضت السلطات المحامين والنشطاء للانتقام لفضحهم التعذيب.

أبرز مثال على ذلك قضية محمد صبلوح، المحامي المسجل لدى نقابة المحامين في طرابلس، والذي يمثل ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي. تعرض صبلوح للتهديد والمضايقة من قبل كل من المديرية العامة للأمن العام والنيابة العامة العسكرية على خلفية عمله.

في 28 أيلول/سبتمبر 2021، بعد أن قدم شكوى نيابة عن موكله بشأن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بموجب قانون معاقبة التعذيب، طلبت النيابة العامة العسكرية من نقابة المحامين في طرابلس رفع الحصانة عن المحامي صبلوح حتى تتمكن من محاكمته بتهم تتعلق باختلاق المعلومات. رفضت نقابة المحامين في طرابلس هذا الطلب.

بعد زيارتها الثانية إلى لبنان في أيار/مايو 2022، أعربت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة عن مخاوفها بشأن التقدم الضئيل في مجال منع التعذيب. وسلط الخبراء الضوء على المشاكل المستمرة المتمثلة في طول فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، والاكتظاظ، والظروف المزرية في مراكز الاحتجاز.

إزاء كل ما تقدم، نطالب السلطات اللبنانية بـ:

- ضمان إجراء تحقيقات فورية ومستقلة ونزيهة وفعالة في شكاوى التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛

- إحالة جميع قضايا التعذيب إلى المحاكم العدلية كما نصت على ذلك المادة 15 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وضمان حق جميع الأطراف في محاكمة مستقلة وعادلة وشفافة؛

- ضمان من أن جميع المحتجزين بإمكانهم الاستعانة بمحامٍ أثناء استجوابهم الأولي لدى الأجهزة الأمنية، بما يتوافق مع تعديلات المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية؛

- تبني قانون يضمن استقلال القضاء وفق المعايير الدولية؛

- ضمان أن الضحايا يمكنهم تقديم شكاوى التعذيب وسوء المعاملة دون خوف من الانتقام، والتوقف عن مضايقة المحامين الذين يكشفون عن أعمال التعذيب بما يتماشى مع الفقرة 16 من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين والمادة 13 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب؛

- تعديل قانون معاقبة التعذيب بما يتماشى مع التزامات لبنان بموجب القانون الدولي وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب؛

- تخصيص ميزانية كافية وإصدار المراسيم الحكومية الضرورية للسماح للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بالوفاء بمهامها؛

- نشر التقارير السرية التي تحيلها لجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التعذيب إلى لبنان؛

- تقديم التقرير الدوري الثاني للبنان إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والذي تأخر تقديمه منذ أيار/مايو 2021 ، وقبول طلب المقرر الخاص المعني بالتعذيب في الأمم المتحدة بزيارة لبنان والمعلق منذ شباط/فبراير 2017.

- الاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في تلقي الشكاوى الفردية المقدمة من الضحايا والنظر فيه، على النحو المنصوص عليه في المادة 22 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

قائمة الموقعين:

أكتيف ليبانون- Active Lebanon ، المفكرة القانونية، المركز اللبناني لحقوق الإنسان، جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات العربية المتحدة، جمعية عدل ورحمة - AJEM، جمعية شمس بيروت، هيومن رايتس ووتش، مؤسسة الكرامة، مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان -JHR، منّا لحقوق الإنسان، منظمة العفو الدولية، مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، مركز سيسفاير لحقوق المدنيين، مركز وصول لحقوق الإنسان -ACHR، نقابة المحامين في طرابلس.

More on Country

آخر الأخبار