استخدام التدابير الأمنية والاتهام بالإرهاب كسلاح للمعاقبة على التعاون مع الأمم المتحدة في 62% من الأعمال الإنتقامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

25 سبتمبر 2025

دراسة جديدة تكشف الاستخدام المنهجي لتدابير حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب من أجل ترهيب النشطاء والمنظمات لدى التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

Police in riot gear during the anti-terrorism control in the city. © Image used under license from Shutterstock.com

كشفت دراسة شاملة عن الأعمال الانتقامية الموثقة من قبل الأمم المتحدة على مدى ١٥ عاماً أن أكثر من 60٪ من جميع أعمال الترهيب والانتقام ضد المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أفراد ومنظمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقوم على استخدام تعسفي لتدابير حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب.

ونظرت الدراسة، التي قُدمت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في 296 حالة موثقة في التقارير السنوية للأمين العام للأمم المتحدة حول أعمال الانتقام، في 22 دولة من دول الجامعة العربية وإسرائيل من عام 2010 إلى عام 2024 . وتشير نتائج الدراسة إلى نمط مقلق متمثل في قيام الدول باستخدام القوانين والتدابيرالخاصة بحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب كسلاح لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني لدى التعاون مع آليات الأمم المتحدة.

وتقول تانيا بولاكوفسكي، التي وضعت التقرير: ”تؤكد استنتاجات الدراسة ما نوثقه منذ فترة طويلة على أرض الواقع – أي أن الاتهام ’بالإرهاب‘ أو “بتهديد لأمن” أصبح أداة قمعية سرعان ما تلجأ إليها الحكومات لمعاقبة من يجرؤ على الحديث أمام الأمم المتحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان“. ”ويترتب على كل عمل انتقامي وقع مهول: فهو لا يضر فقط بالأشخاص المستهدفين، بل يرسخ مناخ الخوف والرقابة الذاتية، مما يضعف نظام حقوق الإنسان الأممي برمته“.

ويصنف التقرير 183 حالة من الأعمال الانتقامية المرتبطة بالأمن إلى نوعين: الحالات ذات الروابط الأمنية المباشرة وغير المباشرة. أما الحالات ذات الروابط الأمنية المباشرة (أكثر من 70٪ من الحالات) فهي التي يأتي فيها العمل الانتقامي نفسه باستخدام تدابير أمنية – على سبيل المثال،  باتهام الشخص بجرائم إرهابية، أو محاكمته أمام محكمة استثنائية، أو اعتقاله على يد قوات أمن الدولة على أثر التعاون مع الأمم المتحدة تحديدا. وأما الحالات ذات الروابط غير المباشرة فتشير إلى الحالات التي يتعرض فيها أفراد أو منظمات لعمل انتقامي بسبب التعاون مع الأمم المتحدة وكذلك للاستهداف لأسباب أمنية، ولكن العمل الانتقامي لا ينفذ مباشرة من خلال تلك التدابير الأمنية.

وجدير بالذكر أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي سجلت أكبر عدد من حالات الانتقام هي البحرين (52)، ومصر (38)، وإسرائيل (33)،* وموريتانيا (24)، والسودان (19). والأمر الأكثر إثارة للقلق هو الترابط التام بين الأعمال الانتقامية والتدابير الأمنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان والصومال ولبنان وتونس: ففي هذه البلدان السبعة، شملت 100٪ من حالات الانتقام الموثقة مكونات خاصة بمكافحة الإرهاب أو حفظ الأمن. 

وتسجل مصر 30 حالة انتقامية متعلقة بمكافحة الإرهاب، وهذا أكبر عدد في المنطقة. ومن أصل هذه الحالات، تبين وجود رابط مباشر بين العمل الانتقامي نفسه وتدابير مكافحة الإرهاب في ٢٨ حالة، مما يدل على الاستخدام المنهجي للتشريعات الأمنية لمعاقبة المتعاونين مع الأمم المتحدة.

كما تكشف الدراسة أن المنظمات تشكل نسبة عالية من الاستهداف، بما في ذلك بالحل، وتجميد الأصول، والتصنيفات المتعلقة بتهديد الأمن، وتصنيفها كمنظمات إرهابية بسبب تعاونها مع آليات الأمم المتحدة. وتبرز إسرائيل لاستهدافها أكبر عدد من المنظمات - 15 منظمة ككل -  على أساس اتهامات تعسفية بالإرهاب أو تهديد الأمن.

وتأتي هذه الاستنتاجات في الوقت الذي تم فيه تقديم التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة لعام 2025 حول الأعمال الانتقامية بالأمس أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وتدعو منظمة منّا لحقوق الإنسان مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية مكرسة لرصد الأعمال الانتقامية الناجمة عن الاستخدام التعسفي لتدابير حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب ومعالجتها، وتحث الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على وضع حد فوري لجميع أعمال الانتقام والترهيب ضد المتعاملين مع الأمم المتحدة.

* تخص جميع حالات الانتقام المبلغ عنها والتي ارتكبتها السلطات الإسرائيلية فلسطينيين أو منظمات فلسطينية، أو العمل الحقوقي المتعلق بفلسطين.

آخر الأخبار