حملة قمع ضد المجتمع المدني وحقوق الإنسان في تونس: الاعتقالات والترهيب عقب الانتخابات الرئاسية التونسية لعام 2024

22 أكتوبر 2024

تنضم منّا لحقوق الإنسان إلى 7 منظمات المجتمع المدني في الإعراب عن قلقها إزاء الاعتقالات والمضايقات التي طالت ناشطين وصحفيين بارزين في أعقاب الانتخابات الرئاسية التونسية في أكتوبر 2024، وفي دعوة السلطات التونسية إلى إسقاط جميع التهم الموجهة ضد المعتقلين واحترام حقوقهم الأساسية.

© Courtesy of HuMENA for Civic Rights and Engagement.

نحن، المنظمات والجهات الحقوقية الموقعة أدناه، نشعر بقلق بالغ إزاء الاعتقالات الأخيرة والمضايقات التي طالت ناشطين وصحفيين بارزين عقب الانتخابات الرئاسية التونسية في 6 أكتوبر 2024. تأتي هذه الاعتقالات في إطار حملة قمع واسعة ومقلقة تستهدف المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس. إن هذه الاعتقالات تمثل توجهًا مقلقًا لمحاولات الحكومة قمع المعارضة وإسكات مناصري حرية التعبير والحق في التجمع السلمي والعدالة والقيم الديمقراطية في البلاد. 

بعد الانتخابات الرئاسية التونسية، في 8 أكتوبر 2024، داهمت السلطات التونسية منازل النشطاء وائل نوار، وجواهر شنة، ولؤي خمسي، واعتقلتهم بسبب دورهم البارز في تنظيم احتجاج مؤيد لفلسطين، وتم توجيه تهم لهم بتشكيل "مجموعة لتعكير النظام العام والاعتداء على رجال الشرطة." أُفرج عنهم في نفس اليوم وهم في انتظار مثولهم أمام المحكمة. 

هؤلاء النشطاء كانوا صريحين في معارضتهم السلمية للسياسات التي تهدد المكاسب الديمقراطية التي حققتها الثورة التونسية. يمثل اعتقالهم انتهاكًا صارخًا لحقوق حرية التعبير والتجمع، وكلاهما مكفولان بموجب الدستور التونسي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

في مقابلة أجرتها منظمة هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية مع وائل نوار، تحدث عن جهود السلطات في إسكات أنشطتهم وملاحقتهم بسبب دفاعهم عن حرية التعبير والحق في التجمع في تونس.

في 9 أكتوبر 2024، مثل صابر عياري من منصة "تونس تتحرى"، وهي منصة لتقصي الحقائق تابعة للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أمام الدائرة المركزية الخامسة لمكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات والاتصال التابعة للحرس الوطني في العوينة، تونس. تم اتهام صابر عياري بـ"نشر نتائج استطلاع الرأي" بموجب المادة 70 من قانون الانتخابات، بناءً على تصريح صحفي أدلى به في إحدى المحطات الإذاعية. قضية عياري هي مجرد مثال واحد من بين العديد من الإجراءات القانونية والأحكام القضائية التي استهدفت الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام والأشخاص الذين يعبرون عن آرائهم في الفضاء الرقمي.

خلال الأسابيع الأخيرة، شهدنا زيادة مقلقة في استهداف مجموعات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات الدولية العاملة في تونس، وكذلك الأفراد الذين كانوا في طليعة الدعوة إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. اتصلت الإدارة العامة للضرائب في وزارة المالية بأربع عشرة منظمة وطنية ودولية للمجتمع المدني وأخطرتها بأن عليها الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية لمدة عشر سنوات. ومنحت السلطات هذه المنظمات أسبوعًا واحدًا فقط لتقديم الوثائق المطلوبة، وتزامن ذلك مع الانتخابات الرئاسية. 

وفي أكتوبر 2024، تم تجميد حسابات مصرفية تخص ما لا يقل عن منظمتين بقرار قضائي، رغم تقديم المنظمتين جميع الوثائق المطلوبة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الجرائم الإرهابية. وكان هذا القرار تعسفيًا إذ لم يكن هناك أي تهمة رسمية. كما تم منع عدد من النشطاء الذين تعاونوا مع هذه المنظمات وغيرها من مغادرة تونس مؤخرًا.

 تلعب هذه المنظمات دورًا حيويًا في ضمان المساءلة الحكومية، وتعزيز الحوار السياسي، وحماية المؤسسات الديمقراطية في تونس. باستهدافها، تخاطر الحكومة التونسية بتقويض أسس الديمقراطية والنزاهة المؤسسية في البلاد.

ندين بشدة هذه الإجراءات، وندعو السلطات التونسية إلى احترام سيادة القانون وحقوق جميع المواطنين في الانخراط في أنشطة سلمية. ومن الضروري أن تضمن الحكومة مساحة مفتوحة وآمنة لعمل المجتمع المدني دون خوف من الانتقام. 

إضافة إلى ذلك، كانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في تونس في 6 أكتوبر 2024، بمثابة انتكاسة كبيرة في المسار الديمقراطي للبلاد. أجريت الانتخابات في أجواء من الظلم والاضطهاد لعدد من المرشحين للرئاسة.

تم استخدام القضاء لتقييد الحق في الترشح لمنصب الرئاسة من خلال ملاحقة أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية وإصدار أحكام ضده بسرعة قياسية. قضت محكمة تونسية بالسجن لمدة 12 عامًا على العياشي الزمال في 4 قضايا، مما منعه من التصويت بناءً على اتهامات بتزوير وثائق وتزوير التوقيعات. 

مهد ذلك الطريق لفوز الرئيس دون منافسة حقيقية، ولم يُسمح للمرشح المسجون بتنفيذ حملته الانتخابية. 

لأول مرة منذ 2011، تم منع بعض مكونات المجتمع المدني مثل "مراقبون" ومنظمة "أنا يقظ" من مراقبة الانتخابات لعام 2024، مما أدى إلى انعدام الشفافية في العملية الانتخابية وتقويض حق المواطنين في المعلومات.

من خلال تعديل قانون الانتخابات قبل أسبوع واحد من يوم الاقتراع، ساهم مجلس نواب الشعب في تسهيل الطريق لفوز الرئيس دون أي منافسة جادة أو محاسبة. كان هذا تعديلًا تشريعيًا ساهم في إجراء انتخابات بنتائج معروفة مسبقًا.

نشعر بقلق عميق إزاء تصاعد استهداف النشطاء ومنظمات المجتمع المدني والأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات خلال فترة الانتخابات. هذه التطورات تهدد بتقويض المبادئ الأساسية للديمقراطية التي سعت تونس جاهدة للحفاظ عليها منذ ثورة 2011. 

ندعو السلطات التونسية إلى إسقاط جميع التهم الموجهة إلى النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، ووقف المضايقات والترهيب ضد النشطاء ومنظمات المجتمع المدني. ينبغي على الدولة الالتزام بأحكام الدستور واحترام حقوق الشعب، والحفاظ على النظام والقانون، وضمان حرية التعبير والتجمع. كما يجب على السلطات الإفراج عن جميع السجناء المحتجزين بسبب ممارستهم لحقهم في التعبير، وخاصة الصحفيين. نجاح كل ديمقراطية يعتمد على وجود مساحة مدنية نشطة وحرة، ويقع على عاتق السلطات التونسية مسؤولية تعزيز بيئة متنوعة من الأصوات التي يمكن أن تتحدث دون خوف من اضطهاد الدولة.

 

الموقعون:

- هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية

- جمعية كلام

- شبكة الابتكار للتغيير- مركز الشرق الأوسط وشمال افريقيا

- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان 

-  منظمة تشاد لمكافحة الفساد 

- ربط - من أجل الشتات التونسي

- مجموعة منّا للحقوق

- روبرت ف. كينيدي لحقوق الإنسان

آخر الأخبار