بيان مشترك: الحكم بالسجن المؤبد على محاميين قطريين

24 مايو 2022

تعرب منّا لحقوق الإنسان والمنظمات الموقعة أدناه عن قلقها البالغ إزاء الحكم بالسجن المؤبد على المحامين القطريين هزاع بن علي أبو شريدة المري وراشد بن علي أبو شريدة المري من قبل المحكمة الجزائية الثانية في قطر في 10 مايو 2022.

Author StellarD; licensed under the Creative Commons Attribution-Share Alike 4.0.

في ٢٩ يوليو ٢٠٢١، صادق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على القانون رقم (٦) لسنة ٢٠٢١ والذي مهد الطريق لأول انتخابات للهيئة التشريعية في البلاد "مجلس الشورى". في بداية العام ٢٠٢١، تظاهر المئات من أفراد القبائل، معظمهم من قبيلة آل مرّة، بشكل سلمي في احتجاجات واسعة النطاق ضد استبعادهم من انتخابات مجلس الشورى.

شارك المحامي هزاع بن علي أبو شريدة المري في الاحتجاجات ولعب دوراً بارزاً في إظهار آراءه عبر تويتر حول الوضع في قطر. في ٨ أغسطس ٢٠٢١،  قام بنشر نداء عبر الفيديو موجه إلى أمير قطر ينتقد فيه قانون انتخابات مجلس الشورى، وفي مقطع فيديو آخر دعا المتظاهرين من أفراد قبيلته إلى مطالبة الحكومة القطرية بالإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلوا على خلفية الاحتجاجات.

في ١٠ أغسطس  ٢٠٢١، اعتقلت إدارة المباحث الجنائية المحامي هزاع المري من منزله. بعد ذلك، قام شقيق هزاع بن علي أبو شريدة المري، راشد بن علي أبو شريدة المري، بزيارة النيابة العامة للاستفسار عن أسباب توقيف شقيقه، ولطلب السماح له بالتمثيل القانوني. ثم تم استدعاء راشد بن علي أبو شريدة المري للمثول أمام النيابة العامة في ١١ أغسطس ٢٠٢١ حيث تم اعتقاله على الفور. واحتُجز كلا المحاميين من قبل دائرة الجرائم الإلكترونية حتى ٢٢ اغسطس٢٠٢١ ومن ثم بعد ذلك التاريخ، تم نقلهما إلى مركز احتجاز تابع لأمن الدولة حيث احتُجزا في الحبس الانفرادي. قدم كلا المحاميين للمحاكمة للمرة الأولى بتاريخ ٢٦ يناير ٢٠٢٢، حيث قام القاضي بتعيين محام دفاع لهما دون ترك أي فرصة لهما في تعيين محام من اختيارهما، وعقدت الجلسة الأولى وجلسات الاستماع اللاحقة في ٢٢ فبراير و٨ مارس و١٠ مايو ٢٠٢٢ خلف أبواب مغلقة.

في١٠ مايو ٢٠٢٢، أصدرت محكمة الدائرة الجنائية الثانية حكماً بالسجن مدى الحياة على كلا المحاميين، و أدانت المحكمة المحاميين و اثنين من الناشطين الذين تمت محاكمتهم أيضاً بمجموعة من التهم منها "اللجوء إلى التهديد وغيرها من الوسائل غير القانونية لإجبار الأمير على أداء عمل في نطاق اختصاصه القانوني، نشر إشاعات و أخبار كاذبة وكيدية في الداخل والخارج بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية، ترويج ونشر وبث عبر وسائل تقنية المعلومات أخبار غير صحيحة بقصد تعريض سلامة الدولة ونظامها العام للخطر، إثارة الرأي العام والإضرار بالآخرين والنظام الاجتماعي للدولة ، تنظيم تجمع عام بدون الحصول على ترخيص".

كما قامت المحكمة غيابياً بإصدار حكم بالسجن المؤبد على الشاعر القطري محمد بن راشد بن الذيب العجمي، وحكماً بالسجن ١٥ عاماً على المواطن محمد حمد محمد المري. والجدير ذكره بأن كلاهما لم يشاركا بالاحتجاجات الشعبية فعلياً لأنهما كانا خارج البلاد عندما بدأت الاحتجاجات، لكنهما قاما بتقديم دعمهما الكامل على وسائل التواصل الاجتماعي وسجلا رسائل بالفيديو مع التعبير السلمي عن الدعم.

وبحسب المعلومات الواردة، افتقرت المحاكمة إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية. خلال الجلسات المغلقة، لم تتح أية فرصة حقيقية للمحاميين للدفاع عن نفسيهما، بحيث تشمل حرمان حقوق المحاكمة العادلة الحقوق التي يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR): الحق في الإعلام بشكل سريع وبالتفصيل بالتهم، والحق في إتاحة الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد الدفاع، والحق في فحص الأدلة  المقدمة ضد المتهمين وتقديم أدلة لصالح الدفاع و أن يتم تحديد التهم في محاكمة علنية أمام سلطة قضائية مستقلة وحيادية و ذات اختصاص.

تعرب المنظمات الموقعة أدناه عن قلقها العميق من أن الأحكام الصادرة بحق هزاع بن علي أبو شريدة المري، وراشد بن علي أبو شريدة المري، مرتبطة وتؤدي بشكل غير قانوني إلى تقييد أنشطتهما المشروعة كمحاميين وممارسة حقهما بحرية التعبير.

تنص المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين [1]على أن الحكومات يجب أن تضمن أن المحامين "قادرون على أداء جميع وظائفهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق". تنص المبادئ الأساسية كذلك على أن المحامين يجب "عدم تعريضهم، ولا التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية، أو العقوبات الإدارية والاقتصادية، و غيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات وآداب المهنة المعترف بها"[2] . بالإضافة إلى ، تنص المبادئ الأساسية على أن للمحامين شأنهم شأن أي مواطن آخر، الحق في حرية التعبير وتكوين الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات. ويحق لهم، بصف خاصة، المشاركة في المناقشات العامة المتعلقة بالقانون وإقامة العدل وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.[3]

قطر دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث صادقت عليه في عام ٢٠١٨ . يضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المساواة والحماية المتساوية أمام القانون، بالإضافة إلى الحق في التمثيل القانوني في الوقت المناسب وبسرية من قبل محام من اختيار الموقوف، لضمان حماية الحقوق. تعترف المادة ٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالحرية والأمن الشخصي وتحميهما. وفقًا للفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، يكون الحرمان من الحرية تعسفياً عندما ينتج عن منع ممارسة الحقوق الأساسية بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع على النحو المنصوص عليها في المواد ١٩ و٢١و٢٢ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمواد ١٩و٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.[4] علاوة على ذلك، فإن التدخل في عمل المحامين يشكل إنتهاكاً لمعايير المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة ١٤ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ينص التعليق العام رقم ٣٤ الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بشأن الحق في حرية الرأي والتعبير (المادة ١٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) على ما يلي: "ولا يجوز، تحت أي ظرف من الظروف، الاعتداء على أي شخص، بسبب ممارسة حريته أو حريتها بما يتعلق بممارسة حرية الرأي أو التعبير، بما في ذلك أشكال الاعتداء مثل الاعتقال التعسفي والتعذيب والتهديد بالقتل والقتل، بما يتوافق مع المادة ١٩. كثيراً ما يتعرض الصحفيون لمثل هذه التهديدات والترهيب والاعتداءات بسبب أنشطتهم، وكذلك الأشخاص الذين يشاركون في جمع وتحليل المعلومات عن حالة حقوق الإنسان والقائمين على نشر التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك القضاة والمحامون. وينبغي التحقيق بقوة في جميع هذه الانتهاكات وفي الوقت المناسب، ومقاضاة الجناة، وأن يتلقى الضحايا، أو ممثلوهم، في حالة القتل، أشكال الإنتصاف المناسبة ".

نحث السلطات القطرية ذات الصلة على الإفراج عن المحاميين هزاع بن علي أبو شريدة المري، وراشد بن علي أبو شريدة المري، وإلغاء جميع الإدانات الصادرة بحقهما، إلى أن تكون هناك تهم مشروعة مدعومة بأدلة موثوقة يتم تقديمها في إجراءات متوافقة مع ضمانات المحاكمة العادلة. وأن يكون هنالك ضمان لجميع المحامين في قطر أن يكونوا قادرون على ممارسة دورهم القانوني دون تهديد، أو ترهيب، أو إعاقة، أو مضايقة أو تدخل غير لائق أو انتقام، وذلك بما يتماشى مع القانون والمعايير الدولية المتعلقة بدور المحامين.

المنظمات الموقعة:

معهد حقوق الإنسان التابع لنقابة المحامين الدولية (IBAHRI)، مركز الخليج لحقوق الإنسان، محامون للمحامين، منظمة مراقبة حقوق المحامين بكندا، منّا لحقوق الإنسان، UIA-IROL (معهد سيادة القانون التابع لنقابة المحامين الدولية).

 


[1] تقدم مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين وصفًا موجزًا للمعايير الدولية المتعلقة بالجوانب الرئيسية للحق في الاستعانة بمحامٍ مستقل. تم تبني المبادئ الأساسية بالإجماع من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في هافانا، كوبا في ٧ سبتمبر١٩٩٠. بعد ذلك، "رحبت" الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمبادئ الأساسية في إقامة العدل، الذي تم اعتمادها بدون تصويت في ١٨  ديسمبر ١٩٩٠ في كل من جلسة اللجنة الثالثة والجلسة العامة للجمعية العامة.

[2] المبدأ ١٦ من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين.

[3] المبدأ ٢٣ من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين.

[4] مجلس حقوق الإنسان، الآراء التي اعتمدها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في دورته الخامسة والثمانين، ١٢-١٦ أغسطس ٢٠١٩، الرأي رقم 32/2019، A / HRC / WGAD / 2019/32، الفقرة. 3 (ب).

آخر الأخبار