تعرب منا لحقوق الإنسان عن انشغالها من إمكانية تبني مجلس نواب الشعب لمشروع قانون يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ الذي قد يؤثر سلبيا على الحقوق والحريات الأساسية في البلاد.
وسيوسع مشروع القانون في حالة تبنيه صلاحيات السلطة التنفيذية (الواسعة أصلا)، بما يسمح لها بحظر المظاهرات، ووضع الأفراد رهن الإقامة الجبرية، وتعليق الجمعيات والمنظمات، وكل ذلك في غياب ضوابط قضائية كافية.
يحل النص المقترح محل الأمر رقم 78-50، الذي تم على أساسه فرض حالة الطوارئ بشكل متواصل منذ نوفمبر 2015، بعد تفجير انتحاري في تونس، لكن مشروع القانون فشل في معالجة أوجه القصور العديدة لهذا التشريع.
ويجري حاليا فحص النص من قبل لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالبرلمان قبل طرحه للتصويت الذي لم يحدد تاريخه بعد. وبالموازاة مع ذلك قرر الرئيس في 5 أبريل، تجديد حالة الطوارئ لمدة شهر إضافي.
تنبه منا لحقوق الإنسان إلى أن هذا القانون يعتبر تراجعا بالنسبة لحماية حقوق الإنسان في البلاد، وفي هذا السياق، خاطبت في 14 مارس 2019، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.
قدمت منا في مذكرتها تحليلا لمشروع القانون، والتمست من المقرر الخاص دعوة السلطات التونسية إلى استبدال المرسوم رقم 78-50 بتشريع يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
إشكاليات مشروع القانون؟
لأن أسباب إعلان حالة الطوارئ بموجب مشروع القانون واسعة أكثر مما ينص عليه القانون الدولي. فقد جاء في المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن حالة الطوارئ لا يُسمح بها إلا في الحالات التي "تتهدد حياة الأمة"، وأن تكون التدابير المتخذة متسقة مع التزامات الدول بموجب القانون الدولي. ونخشى من أن لا تفي الحالات المحددة في مشروع القانون بالحد اللازم لتفعيل حالة الطوارئ.
يعد مشروع القانون إشكاليًا أيضًا بسبب غياب المراقبة الديمقراطية، لأن الرئيس قد يعلن عن حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر دون الحاجة إلى الحصول على موافقة البرلمان. و على الرغم من أنه لا يمكن تجديد حالة الطوارئ إلا لمدة ثلاثة أشهر، إلا أن التعديل لا يحدد عدد مرات التي يمكن تجديدها.
كما يوسع مشروع القانون قائمة التدابير الاستثنائية المطبقة حاليًا بموجب المرسوم رقم 78-50، ويمنح مشروع القانون هذا صلاحيات تقديرية واسعة للولاة ووزارة الداخلية مما يتعارض مع التزاماتها في مجال حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال يبيح هذا القانون للسلطات حظر أي إضراب أو مظاهرة يُعتبر أنها تهدد النظام العام، ووضع رهن الإقامة الجبرية أي شخص تُعتبر "أنشطته تهديدا للأمن"، وتعليق الجمعيات لمجرد الاشتباه في مشاركتها في أنشطة "ضارة"، كل ذلك في غياب رقابة قضائية كافية.
التجديد المستمر لحالة الطوارئ منذ عام 2015
تشكل الثغرات الواردة في مشروع القانون مصدر قلق بالنظر إلى الاستخدام التعسفي للحكومة لصلاحيات الطوارئ منذ الإعلان عنها في نوفمبر 2015.
أكد المقرر الخاص بعد زيارة قطرية قام بها إلى تونس مطلع عام 2017 ، أن "صلاحيات الطوارئ الممنوحة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 78-50 لمؤسسات إنفاذ القانون تؤثر بشكل كبير على التمتع الكامل بمعايير حقوق الإنسان الدولية بما في ذلك تلك التي قبلتها تونس، ولا سيما الحق في حرية التنقل، والحق في مغادرة البلد والحق في الخصوصية، وكذلك الحق غير القابل للانتقاص في الطعن في هذه القيود أمام المحكمة، وحظر الحرمان التعسفي من الحرية وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة".
كما أشار المقرر الخاص إلى أن "التمديد الروتيني لحالة الطوارئ [...] يرقى إلى حالة الطوارئ الدائمة ، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي".
معارضة مشروع القانون
صدحت العديد من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية بصوت واضح ضد النص المقترح. ووجه أعضاء الإئتلاف المدني من أجل الأمن والحريات، وهو تكثل لعدة منظمات غير حكومية لحقوق الإنسان، دعوة إلى الرئيس بسحب مشروع القانون.
و في 5 أبريل، أرسلت منظمة العفو الدولية ومنا لحقوق الإنسان و Article 19 Middle East and North Africa خطابًا مشتركًا إلى أعضاء مجلس نواب الشعب يطالبونهم فيه بإعادة النظر في الإطار القانوني الذي يحكم حالة الطوارئ من خلال تبنيهم لمنهج يحترم الحقوق الأساسية التي يحميها الدستور التونسي وكذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس.